كتاب مفيد المستفيد
الشيخ محمد بن عبدالوهاب
1115 هـ - 1206 هـ
الفهرس
- 2 -
مانعان ، ومن هذا ما يفعل بمكة وغيرها من الذبح للجن ، انتهى كلام الشيخ وهو الذي ينسب إليه بعض أعداء الدين أنه لا يكفر المعين فانظر أرشدك الله إلى تكفيره من ذبح لغير الله من هذه الأمة وتصريحة أن المنافق يصير مرتداً بذلك وهذا في المعين إذ لا يتصر أن تحرم إلا ذبيحة معين ( وقال أيضاً ) في الكتاب المذكور وكانت الطواغيت الكبار التي تشد إليها الرحال ثلاثة : اللات والعزى ومنات وكل واحد منها لمصرٍ من أمصار العرب فكانت اللات لأهل الطائف ذكروا أنه كان في الأصل رجلاً صالحاً يلت السويق للحجاجا فلما مات عكفوا على قبره ، وأما العزى فكانت لأهل مكة قريباً من عرفات وكانت هناك شجرة يذبحون عندها ويدعون ، وأما منات فكانت لأهل المدينة وكانت حذو قديد من ناحية الساحل .
ومن أراد أن يعلم كيف كانت أحوال المشركين في عبادتهم الأوثان ويعرف حقيقة الشرك الذي ذمه الله وأنواعه حتى يتبين له تأويل القرآن فلينظر إلى سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأحوال العرب في زمانه وما ذكره الأزرقي في أخبار مكة وغيره من العلماء ولما كان للمشركين شجرة يعلقون عليها أسلحتهم ويسمونها ذات أنواط فقال بعض الناس يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال : الله أكبر إنها السنن لتركبن سنن من كان قبلكم فأنكر صلىالله عليه وسلم مجرد مشابهتهم للكفار في اتخاذ شجرة يعكفون عليها معلقين عليها أسلحتهم فكيف بما هو أطم من ذلك من الشرك بعينه إلى أن قال : ( فمن ذلك عدة أمكنة بدمشق ) مثل مسجد يقال له مسجد الكف ، فيه تمثال كف يقال إنه كف علي بن أبي طالب حتى هدم الله ذلك الوثن وهذه الأمكنة كثيرة موجودة في البلاد وفي الحجاز منها مواضيع ثم ذكر كلاماً طويلاً في نهيه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عند القبور فقال : العلة لما يفضى إليه ذلك من الشرك ذكر ذلك الشافعي وغيره وكذلك الأئمة من أصحاب مالك وأحمد كأبي بكر الأثرم وعللوا بهذه العلة وقد قال تعالى : (( وقالوا لا تذكرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً )) الآية .
ذكر ابن عباس وغيره من السلف أن هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم ، ذكر هذا البخاري في صحيحه وأهل التفسير كابن جرير وغيره ومما يبين صحة هذه العلة أنه لعن من يتخذ قبور الأنبياء مساجد ، ومعلوم أن قبور الأنبياء لا يكون ترابها نجساً وقال عن نفسه : ( اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد ) فعلم أن نهيه عن ذلك كنهيه عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها سداً للذريعة لئلا يصلي في هذه الساعة وإن كان المصلي لا يصلي إلا لله ولا يدعو إلا لله لئلا يفضي ذلك إلى دعائها والصلاة لها ، وكلا الأمرين قد وقع ، فإن من الناس من يسجد للشمس وغيرها من الكواكب ويدعوها بأنواع الأدعية ، وهذا من أعظم أسباب الشرك الذي ضل به كثير من الأولين والآخرين حتى شاع ذلك في كثير ممن ينتسب إلى الإسلام وصنف بعض المشهورين فيه كتاباً على مذهب المشركين مثل أبي معشر البلخي وثابت من قرة وأمثالهما ممن دخل في الشرك وآمن بالطاغوت والجبت وهم ينتسبون إلى الكتاب كما قال تعالى : (( ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت )) انتهى كلام الشيخ رحمه الله .
فانظر رحمك الله إلى هذا الإمام الذي ينسب عنه من أزاع الله قلبه عدم تكفير المعين كيف ذكر عن مثل الفخر الرازي وهومن أكابر أئمة الشافعية ومثل أبي معشر وهو من أكابر المشهورين من المصنفين وغيرهما أنهم كفروا وارتدوا عن الإسلام والفخر هو الذي ذكره الشيخ في الرد على المتكلمين لما ذكر تنصنيفه الذي ذكر هنا قال : وهذه ردة صريحة باتفقا المسلمين وسيأتي كلامه إن شاء الله تعالى .
( وتأمل أيضاً ما ذكره ) في اللات والعزى ومنات وجعله فعل المشركين معها هو بعينه الذي يفعل بدمشق وغيرها وتأمل قوله على حديث ذات أنواط هذا قوله في مجرد مشابهتهم في اتخاذ شجرة فكيف بما هو أطم من ذلك من الشرك بعينه ؟ فهل للزائغ بعد هذا متعلق بشيء من كلام هذا الإمام ؟ وأنا أذكر لفظه الذي احتجوا به على زيغهم .
( قال رحمه الله تعالى ) أنا من أعظم الناس نهياً عن أن ينسب معين إلى تكفير أو تبديع أو تفسيق أو معصية إلا أذا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافراً تارة وفاسقاً أخرى وعاصياً أخرى انتهى كلامه وهذا صفة كلامه في المسألة في كل موضع وقفنا عليه من كلامه لا يذكر عدم تكفير المعين إلا ويصله بما يزيل الإشكال أن المراد بالتوقف عن تكفيره قبل أن تبلغه الحجة وإذا بلغته حكم عليه بما تقتضيه تلك المسألة من تكفير أو تفسيق أو معصية وصرح رضي الله عنه أيضاً أن كلامه أيضاً في غير المسائل الظاهرة فقال في الرد على المتكلمين لما ذكر أن بعض أئمتهم توجد منه الردة عن الإسلام كثيراً قال : وهذا إن كان في المقالات الخفية فقد يقال إنه فيها مخطئ ضال لم تقم عليه الحجة التي يكفر تاركها لكن هذا يصدر عنهم في أمور يعلم الخاصة والعامة من المسلمين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بها وكفر من خالفها مثل أمره بعبادة الله وحده لا
الفهرس
باب يتغير الزمان حتى تعبد الأوثان
باب في وجوب عداوة أعداء الله من الكفار والمرتدين..
,,,,,,,,,,,,,,,,,,
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,