(موقع كفر المشارقة الاسلامى) اشراف الاستاذ ايهاب متولى
مرحبا بك زائرنا الحبيب
مرحبا بك فى اعلام واقلام
مرحبا بك معنا فردا عزيزا علينا
نمنحك عند التسجيل العضو المميز
كما يمكنك الكتابة والتعليق فى بعض الفئات دون تسجيل
ونتمنى لكم مشاهدة ممتعة معنا
نسالكم الدعاء
اخوكم ايهاب متولى
(موقع كفر المشارقة الاسلامى) اشراف الاستاذ ايهاب متولى
مرحبا بك زائرنا الحبيب
مرحبا بك فى اعلام واقلام
مرحبا بك معنا فردا عزيزا علينا
نمنحك عند التسجيل العضو المميز
كما يمكنك الكتابة والتعليق فى بعض الفئات دون تسجيل
ونتمنى لكم مشاهدة ممتعة معنا
نسالكم الدعاء
اخوكم ايهاب متولى
(موقع كفر المشارقة الاسلامى) اشراف الاستاذ ايهاب متولى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

(موقع كفر المشارقة الاسلامى) اشراف الاستاذ ايهاب متولى

وفق الكتاب والسنة وما اتفقت عليه الامة
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولتلاوات الاشبالمنتدى حياتى ملك ربى
https://ehabmtwale.forumegypt.net/ لا تنسى ذكر الله
هــــــــــــــلا و غــــــــــــــلا فيك معانا في منتدانا.. بين اخوانك واخواتك الأعضاء ونبارك لأنفسنا أولاً ولك ثانياً بزوغ نجمك وإنضمامك لركب هذه القافلة الغالية علينا نتمنى لك طيب الإقامة وقضاء وقت مُمتع ولحظات سعيدة بصحبتنا .. بإذن الله في إنتظار ما يفيض به قلمك من جديد ومفيد .. لك مني أرق تحية مع خالص تحياتى (موقع كفر المشارقة الاسلامى) اشراف الاستاذ ايهاب متولى

 

  شرح الأصول الستة لشيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
ايهاب متولى
مؤسس الموقع
مؤسس الموقع
ايهاب متولى


عدد المساهمات : 1578
نقاط : 3229
تاريخ التسجيل : 10/01/2011
العمر : 45

  شرح الأصول الستة لشيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله  Empty
مُساهمةموضوع: شرح الأصول الستة لشيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله      شرح الأصول الستة لشيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله  Empty2011-09-09, 21:33




شرح الأصول الستة لشيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

قال المؤلف شيخ الإسلام:
بسم الله الرحمن الرحيم
من أعجب العجاب ، وأكبر الآيات الدالة على قدرة المللك الغلاب ستة أصول بينها الله تعالى بياناً واضحاً للعوام فوق ما يظن الظانون ، ثم بعد هذا غلط فيها كثير من أذكياء العالم وعقلاء بني آدم إلا أقل القليل.

الشـــرح
قوله"بســم الله"
ابتدأ المؤلف رحمه الله تعالى –كتاب بالبسملة إقتداء بكتاب الله عز وجل فإنه مبدوء بالبسملة، واقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم
فإنه يبدأ كتبه ورسائله بالبسملة.
والجار والمجرور متعلق بفعل محذوف مؤخر مناسب للمقام تقديره هنا بسم الله أكتب.
وقدرناه فعلاً لأن الأصل في العمل الأفعال.
وقدرناه مؤخراً لفائدتين:
الأولى: التبرك بالبداءة باسم الله تعالى.
الثانية: إفادة الحصر لأن تقديم المتعلق به يفيد الحصر.
وقدرناه مناسباً لأنه أدل على المراد فلو قلنا مثلاً عندما نريد
أن نقرأ كتاباً باسم الله نبتدئ ، ما يدري بماذا نبتدئ ، لكن بسم الله نقرأ أدل على المراد.
قوله: "الله"
لفظ الجلالة علم على الباري جل وعلا وهو الاسم الذي تتبعه جميع الأسماء حتى إنه في قوله تعالى: }كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض{ ، {سورة إبراهيم، الآيتان: 1،2}. لا نقول إن لفظ الجلالة (الله) صفة بل نقول هي عطف بيان لئلا يكون لفظ الجلالة تابعاً تبعية النعت للمنعوت ، ولهذا قال العلماء أعرف المعارف لفظ (الله) لأنه لا يدل على أحد سوى الله عز وجل.
قوله: "الرحمن"
الرحمن: أسم من الأسماء المختصة بالله لا يطلق على غيره،
ومعناه: المتصف بالرحمة الواسعة.
قوله: "الرحيـم"
الرحيم: أسم يطلق على الله عز وجل وعلى غيره.
ومعناه: ذو الرحمة الواصلة ، فالرحمن ذو الرحمة الواسعة، والرحيم ذو الرحمة الواصلة فإذا جمعا صار المراد بالرحيم الموصل رحمته إلى من يشاء من عباده كما قال الله تعالى: }يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون{ {سورة العنكبوت، الآية: 21} والمراد بالرحمن الواسع الرحمة.
قوله : " ومن أعجب العجاب ، وأكبر الآيات الدالة على قدرة المللك الغلاب ستة أصول . .إلخ"
شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى له عناية بالرسائل المختصرة التي يفهمها العامي وطالب العلم، ومن هذه الرسائل هذه الرسالة (ستة أصول عظيمة) وهي:
الأصل الأول: الإخلاص وبيان ضده وهو الشرك.
الأصل الثاني: الاجتماع في الدين والنهي عن التفرق فيه.
الأصل الثالث: السمع والطاعة لولاة الأمر.
الأصل الرابع: بيان العلم والعلماء ، والفقه والفقهاء ، ومن تشبه بهم وليس منهم.
الأصل الخامس: بيان من هم أولياء الله.
الأصل السادس: رد الشبهة التي وضعها الشيطان في ترك القرآن والسنة.
وهذه الأصول أصول مهمة جديرة بالعناية ، ونحن نستعين بالله تعالى في شرحها والتعليق عليها بما يسر الله.
الأصل الأول
إخلاص الدين لله تعالى وحده لا شريك له ، وبيان ضده الذي هو الشرك بالله، وكون أكثر القرآن في بيان هذا الأصل من وجوه شتى بكلام يفهمه أبلد العامة، ثم لما صار على أكثر الأمة ما صار أظهر لهم الشيطان الإخلاص في صورة تنقص الصالحين والتقصير في حقوقهم، وأظهر لهم الشرك بالله في صورة محبة الصالحين وأتباعهم.

الشرح
قوله: "إخلاص الدين لله تعالى وحده لا شريك له. . . ."
الإخلاص لله معناه : "أن يقصد المرء بعبادته التقرب إلى الله تعالى والتوصل إلى دار كرامته" . بأن يكون العبد مخلصاً لله تعالى في قصده مخلصاً لله تعالى في محبته ، مخلصاً لله تعالى في تعظيمه ، مخلصاً لله تعالى في ظاهره وباطنه لا يبتغي بعبادته إلا وجه الله تعالى والوصول إلى دار كرامته كما قال تعالى: }قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين{ . {سورة الأنعام ، الآيتان: 162، 163} وقوله تعالى: }وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له{ ، {سورة الزمر ، الآية : 54} وقوله : }وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم{ ، {سورة البقرة، الآية: 163} وقوله : }فإلهكم إله واحد فله أسلموا{ {سورة الحج ، الآية: 34} وقد أرسل الله تعالى جميع الرسل بذلك كما قال تعالى: }وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون{ {سورة الأنبياء، الآية:25} . وكما وضح الله ذلك في كتابه كما قال المؤلف: "من وجوه شتى بكلام يفهمه أبلد العامة ، فقد وضحه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد جاء عليه الصلاة والسلام بتحقيق التوحيد وإخلاصه وتخليصه من كل شائبة، وسد كل طريق يمكن أن يوصل إلى ثلم هذا التوحيد أو إضعافه ، حتى إن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم "ما شاء الله وشئت" فقال النبي صلى الله عليه وسلم "أجعلتني لله نداً بل ما شاء الله وحده"(1) فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الرجل أن يقرن مشيئته بمشيئة الله تعالى بحرف يقتضي التسوية بينهما ، وجعل ذلك من اتخاذ الند لله عز وجل ، ومن ذلك أيضاً أن النبي
صلى الله عليه وسلم حرم الحلف بغير الله وجعل ذلك من الشرك بالله فقال صلى الله عليه وسلم : "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك"(1) وذلك لأن الحلف بغير الله تعظيم للمحلوف به بما لا يستحقه إلا الله عز وجل ، وحينما قدم عليه وفد فقالوا: "يا رسول الله ، يا خيرنا وابن خيرنا، وسيدنا وابن سيدنا" قال : "يا أيها الناس قولوا بقولكم ولا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد بن عبد الله ورسوله ، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل"(2) وقد عقد المصنف رحمه الله لذلك باباً في كتاب التوحيد.
فقال : "باب ما جاء في حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم حمى التوحيد وسده طرق المشرك" .
وكما بين الله تعالى الإخلاص وأظهره بين ضده وهو الشرك فقال تعالى: }إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء{ {سورة النساء، الآية: 116} وقال تعالى: }واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً{ {سورة النساء، الآية: 36}.
وقال: }ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن أعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت{ ، {سورة النحل ، الآية: 36} والآيات في ذلك كثيرة. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم :"من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار"(1) رواه مسلم من حديث جابر.
والشرك على نوعين:

النوع الأول: شرك أكبر مخرج عن الملة وهو: "كل شرك أطلقه الشارع وهو مناف للتوحيد منافاة مطلقة" مثل أن يصرف شيئاً من أنواع العبادة لغير الله بأن يصلي لغير الله أو يذبح لغير الله، أو ينذر لغير الله، أو أن يدعو غير الله تعالى مثل أن يدعو صاحب قبر ، أو يدعو غائباً لإنقاذه من أمر لا يقدر عليه إلا الحاضر، وأنواع الشرك معلومة فيما كتبه أهل العلم.
النوع الثاني: الشرك الأصغر وهو "كل عمل قولي أو
فعلي أطلق عليه الشارع وصف الشرك لكنه لا ينافي التوحيد منافاة مطلقة" مثل الحلف بغير الله فالحالف بغير الله الذي لا يعتقد أن لغير الله تعالى من العظمة ما يماثل عظمة الله مشرك شركاً أصغر ، ومثل الرياء وهو خطير قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : "أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر فسئل عنه؟ فقال الرياء"(1) وقد يصل الرياء إلى الشرك الأكبر، وقد مثل ابن القيم رحمه الله للشرك الأصغر بيسير الرياء وهذا يدل على أن كثير الرياء قد يصل إلى الشرك الأكبر، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن قوله تعالى: }إن الله لا يغفر أن يشرك به{ {سورة النساء، الآية: 116}. يشمل كل شرك ولو كان أصغر ، فالواجب الحذر من الشرك مطلقاً فإن عاقبته وخيمة قال الله تعالى: }إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار{ ، {سورة المائدة، الآية: 72} فإذا حرمت الجنة على المشرك لزم أن يكون خالداً في النار أبداً ، فالمشرك بالله تعالى قد خسر الآخرة لا ريب لأنه في النار خالداً ، وخسر الدنيا لأنه قامت عليه
الحجة وجاءه النذير ولكنه خسر لم يستفد من الدنيا شيئاً قال الله تعالى: }قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين{ {سورة الزمر ، الآية: 15}. فخسر نفسه لأنه لم يستفد منها شيئاً وأوردها النار وبئس الورد المورود، وخسر أهله لأنهم إن كانوا مؤمنين فهم في الجنة فلا يتمتع بهم ، وإن كانوا في النار فكذلك لأنه كلما دخلت أمة لعنت أختها.
واعلم أن الشرك خفي جداً وقد خافه خليل الرحمن وأمام الحنفاء كما حكي الله عنه: }واجنبني وبني أن نعبد الأصنام{ {سورة إبراهيم، الآية: 35}. وتأمل قوله: }واجنبني{ ولم يقل: "وامنعني" لأن معنى اجنبني أي اجعلني في جانب عبادة والأصنام في جانب أي إجعلني في جانب عبادة والأصنام في جانب، وهذا أبلغ من أمنعني لأنه إذا كان في جانب وهي في جانب ، كان أعد ، وقال ابن أبي مليكة : "أدركت ثلاثين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه" (1) وقال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه لحذيفة ابن اليمان: "أنشدك الله هل سماني لك رسول الله صلى الله عليه وسلم مع من سمى من المنافقين"
مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم
بشره بالجنة ولكنه خاف أن يكون ذلك لما ظهر لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أفعاله في حياته، فلا يأمن النفاق إلا منافق ، ولا يخاف النفاق إلا مؤمن، فعلى العبد أن يحرص على الإخلاص وأن يجاهد نفسه عليه قال بعض السلف "ما جاهدت على الإخلاص" فالشرك أمره صعب جداً ليس بالهين ولكن الله ييسر الإخلاص على العبد وذلك بأن يجعل الله نصب عينيه فيقصد بعمله وجه الله.
الأصل الثاني
أمر الله بالاجتماع في الدين ونهى عن التفرق فيه، فيبين الله هذا بياناً شافياً تفهمه العوام ، ونهانا أن نكون كالذين تفرقوا واختلفوا قبلنا فهلكوا، وذكر أنه أمر المسلمين بالاجتماع في الدين ونهاهم عن التفرق فيه ، ويزيده وضوحاً ما وردت به ألسنة من العجب العجاب في ذلك، ثم صار الأمر إلى أن الافتراق في أصول الدين وفروعه هو العلم والفقه في الدين ، وصار الاجتماع في الدين لا يقوله إلا زنديق أو مجنون.

الشــرح
قوله: "أمر الله بالاجتماع في الدين ونهى عن التفرق فيه . . إلخ"
الأصل الثاني من الأصول التي ساقها الشيخ-رحمه الله تعالى-الاجتماع في الدين والنهي عن التفرق فيه ، وهذا الأصل العظيم قد دل عليه كتاب الله تعالى ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وعمل الصحابة رضي الله عنهم والسلف الصالح رحمهم الله تعالى:
أما كتاب الله تعالى: فقد قال الله-عز وجل-:}يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كمنم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقدكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون{ {سورة آل عمران، الآيتان: 102،103}.
وقال تعالى: }ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم{ {سورة آل عمران، الآية: 105}. وقال تعالى :} ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم{ {سورة الأنفال، الآية: 46} وقال تعالى: }إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء{ {سورة الأنعام، الآية: 159} وقال تعالى: }شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه{ {سورة الشورى، الآية: 13}.
ففي هذه الآيات نهى الله تعالى عن التفرق وبين عواقبه الوخيمة على الفرد والمجتمع والأمة بأسرها.
وأما دلالة السنة على هذا الأصل العظيم: فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التقوى ههنا ، التقوى ههنا-ويشير إلى صدره- يحسب امرئ
من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله(1) وفي رواية: "لا تحاسدوا ، ولا تباغضوا، ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تناجشوا وكونوا عباد الله إخواناً" (2) ويقول عليه الصلاة والسلام: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً" (3) وقال عليه الصلاة والسلام لأبي أيوب رضي الله عنه: "ألا أدلك على تجارة؟" قال : بلى يا رسول الله. قال : "تسعى في الإصلاح بين الناس إذا تفاسدوا ،وتقارب بينهم إذا تباعدوا" (4) وفي مقابلة أمر النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنين بالتحاب والتآلف ومحبة الخير والتعاون على البر والتقوى وفعل الأسباب التي تقوي ذلك وتنمية في مقابلة ذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كل ما يوجب تفرق المسلمين وتباعدهم وذلك لما في التفرق والبغضاء من المفاسد العظيمة فالتفرق هو قرة عين شياطين الجن والإنس، لأن شياطين الإنس والجن لا يودون من.
أهل الإسلام أن يجتمعوا على شيء فهم يريدون أن يتفرقوا لأنهم يعلمون أن التفرق تفتت للقوة التي تحصل بالالتزام والاتجاه إلى الله عز وجل.
فالنبي صلى الله عليه وسلم حث على التألف والتحاب بقوله وفعله ، ونهى عن التفرق والإختلاف الذي يؤدي إلى تفريق الكلمة وذهاب الريح.
وأما عمل الصحابة: فقد وقع بينهم رضي الله عنهم الاختلاف ،ولكن لم يحصل به التفرق ولا العداوة ولا البغضاء، فقد حصل الخلاف بينهم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله بين أظهرهم فمن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فرغ من غزوة الأحزاب، وجاءه جبريل يأمره أن يخرج إلى بني قريظة لنقضهم العهد قال النبي صلى الله عليه وسلم : "لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريظة" (1) فنقول سمعنا وأطعنا.
ومنهم من قال: نصلي في الوقت لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد بذلك المبادرة والإسراع إلى الخروج ولم يرد تأخير الصلاة فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنف أحداً منهم ولم يوبخه على ما فهم ، وهم بأنفسهم رضي الله عنهم لم يتفرقوا من أجل أختلاف الرأي في فهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أما عمل السلف الصالح: فإن من أصول السنة والجماعة في المسائل الخلافية أ، ما كان الخلاف فيه صادراً عن اجتهاد وكان مما يسوغ فيه الاجتهاد فإن بعضهم يعذر بعضاً بالخلاف ولا يحمل بعضهم على بعض حقداً ، ولا عداوة ، ولا بغضاء بل يعتقدون أنهم إخوة حتى وإن حصل بينهم هذا الخلاف ، حتى إن الواحد منهم ليصلي خلف من يرى أنه ليس على وضوء ويرى الإمام أنه على وضوء ، مثل أن يصلي خلف شخص أكل لحم إبل وهذا الإمام يرى أنه لا ينقض الوضوء ، والمأموم يرى أنه ينقض الوضوء فيرى أن الصلاة خلف ذلك الإمام صحيحة وإن كان هو لو صلاها بنفسه لرأى أن صلاته غير صحيحة ، كل هذا لأنهم يرون أن الخلاف الناشئ عن إجتهاد فيما يسوغ فيه الاجتهاد ليس في الحقيقة بخلاف ، لأن كل واحد من المختلفين قد تبع ما يجب الحقيقة بخلاف ، لأن كل واحد من المختلفين قد تبع ما يجب عليه إتباعه من الدليل الذي لا يجوز له العدول عنه، فهم
يرون أن أخاهم إذا خالفهم في عمل ما إتباعاً للدليل هو في الحقيقة قد وافقهم ، لأنهم يدعون إلى إتباع الدليل أينما كان ، فإذا خالفهم موافقة لدليل عنده فهو في الحقيقة قد وافقهم ، لأنه تمشى على ما يدعون إليه ويهدون إليه من تحكيم كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
أما مالا يسوغ فيه الخلاف فهو ما كان مخالفاً لما كان عليه الصحابة والتابعون، كمسائل العقائد التي ضل فيها من ضل من الناس ، ولم يحصل فيها الخلاف إلا بعد القرون المفضلة-أي لم ينتشر الخلاف إلا بعد القرون المفضلة-وإن كان بعض الخلاف فيها موجوداً في عهد الصحابة ولكن ليعلم إننا إذا قلنا قرن الصحابة ليس المعنى أنه لا بد أن يموت كل الصحابة ، بل القرن ما وجد فيه معظم أهله قال شيخ الإسلام بن تيمية –رحمه الله – "إن القرن يحكم بانقضائه إذا أنقرض أكثر أهله".
فالقرون المفضلة انقرضت ولم يوجد فيها هذا الخلاف الذي أنتشر بعدهم في العقائد ، فمن خالف ما كان عليه الصحابة والتابعون فإنه عليه ولا يقبل خلافه.
أما المسائل التي وجد فيها الخلاف في عهد الصحابة وكان فيها مساغ للإجتهاد فلا بد من أن يكون الخلاف فيها باقياً قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران ، وإن أجتهد فأخطأ فله أجر" (1) فهذا هو الضابط.
فالواجب على المسلمين جميعاً أن يكون أمة واحدة وأن لا يحصل بينه تفرق وتحز ب بحيث يتناحرون فيما بينهم بأسنة الألسن ويتعادون ويتباغضون من أجل أختلاف يسوغ فيه الاجتهاد فإنهم وإن أختلفوا فيما يختلفون فيه فيما تقتضيه النصوص حسب أفهامهم فإن هذا أمر فيه سعة ولله الحمد، والمهم إئتلاف القلوب وإتحاد الكلمة ولا ريب أن أعداء المسلمين يحبونه من المسلمين أن يتفرقوا سواء كانوا أعداء يصرحون بالعداوة ، أو أعداء يتظاهرون بالولاية للمسلمين أو للإسلام وهم ليسوا كذلك.
الأصل الثالث
إن من تمام الاجتماع السمع والطاعة لمن تأمر علينا ولو كان عبداً حبشياً ، فبين الله هذا بياناً شائعاً كافياً بوجوه من أنواع البيان شرعاً وقدراً ، ثم صار هذا الأصل لا يعرف عند أكثر من يدعي العلم فكيف العمل به.
الشرح
قوله: "إن من تمام الاجتماع السمع والطاعة . . إلخ".
ذكر المؤلف رحمه الله تعالى –أن من تمام الاجتماع السمع والطاعة لولاة الأمر بأمتثال ما أمروا به وترك ما نهو عنه ولو كان من تأمر علينا عبداً حبشياً.
قوله: "فبين الله هذا بياناً شائعاً كافياً . . . إلخ".
أما بيانه شرعاً: ففي كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم: فمن بيانه في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم: فمن بيانه في كتاب الله تعالى قوله تعالى: }يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم{ {سورة النساء، الآية: 59}. الآية ، وقوله : }أطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا
فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين{ {سورة الأنفال، الآية: 46} وقوله: }واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا{ - {سورة آل عمران، الآية: 103}.
ومن بيانه في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما ثبت في الصحيحين من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: "بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا ، وعسرنا ويسرنا ، وأثره علينا ، وأن لا تنازع الأمر أهله ، قال إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان"(1). وقال عليه الصلاة والسلام : "من رأى من أميره شيئاً فليصبر فإنه من فارق الجماعة شبراً فمات فميتته جاهلية"(2) وقال صلى الله عليه وسلم : "من خلع يداً من الطاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له"(3) وقال : "أسمعوا وأطيعوا وإن أمر عليكم عبد حبشي"(4) وقال عليه الصلاة والسلام: "على
المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة"(1) متفق عليه. وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا منزلاً فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة جامعة فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنه ما من نبي بعثه الله إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم، وإن أمتكم هذه جعلت عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها، وتجيء فتن يرقق بعضها بعضاً ، تجي الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي ، وتجي الفتنة فيقول هذه هذه، فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتي إليه ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن أستطاع فإن جاءه آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر"(2) رواه مسلم.
وأما بيانه قدراً: فإنه لا يخفي حال الأمة الإسلامية حين كانت متمسكة بدينها، مجتمعة عليه، معظمة لولاة
أمورها، منقادة لهم بالمعروف ، كانت لها السيادة والظهور في الأرض كما قال تعالى: }وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما أستخلف الذين قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي أرتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً{ {سورة النور ، الآية : 55} ، وقال تعالى: }ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور{. {سورة الحج، الآيتان: 40،41} .
ولما أحدثت الأمة الإسلامية ما أحدثت وفرقوا دينهم ، وتمردوا على أثمتهم ، وخرجوا عليهم وكانوا شيعاً نزعت المهابة من قلوب أعدائهم ، وتنازعوا ففشلوا وذهب ريحهم ، وتداعت عليه الأمم وصاروا غثاء كغثاء السيل.
وصار هذا الأصل لا يعرف عند أكثر من يدعي العلم والغيرة على دين الله وترك العمل به ورأى كل فرد من أفراد الرعية نفسه أميراً أو بمنزلة الأمير المنابذ للأمير. فالواجب علينا جميعاً –رعاة ورعية-أن نقوم بما أوجب الله علينا من التحاب والتعاون على البر والتقوى، والاجتماع على المصالح
لنكون من الفائزين ، وعلينا أن نجتمع على الحق ونتعاون عليه، وأن نخلص في جميع أعمالنا ، وأن نسعى لهدف واحد هو إصلاح هذه الأمة إصلاحاً دينياً ودنيوياً بقدر ما يمكن ، ولن يمكن ذلك حتى تتفق كلمتنا ونترك المنازعات بيننا والمعارضات التي لا تحقق هدفاً ، بل ربما تفوت مقصوداً وتعدم موجوداً.
إن الكلمة إذا تفرقت ،والرعية إذا تمردت ، دخلت الأهواء والضغائن وصار كل واحد يسعى لتنفيذ كلمته وإن تبين أن الحق والعدل في خلافها وخرجنا عن توجيهات الله تعالى حيث يقول: }يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقائه ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون{. {سورة آل عمران، الآية: 103} .
فإذا عرفت كل واحد ما له وما عليه وقام به على وفق الحكمة فإن الأمور العامة الخاصة تسير على أحسن نظام وأكمله.
الأصل الرابع
بيان العلم والعلماء ، والفقه والفقهاء ، وبيان من تشبه بهم وليس منهم ، وقد بين الله هذا الأصل في أول سورة البقرة من قوله: }يابني إسرائيل أذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم{ {سورة البقرة، الآية: 40} إلى قوله: }يا بني إسرائيل أذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين{ ، {سورة البقرة، الآية: 47}. ويزيده وضوحاً ما صرحت به السنة في هذا الكلام الكثير البين الواضح للعامي البليد ، ثم صار هذا أغرب الأشياء ، وصار العلم والفقه هو البدع والضلالات، وخيار ما عندهم لبس الحق بالباطل ، وصار العلم الذي فرضه الله تعالى على الخلق ومدحه لا يتفوه به إلا زنديق أو مجنون ، وصار من أنكره وعاداه وصنف في التحذير منه والنهي عنه هو الفقيه العالم.

الشـرح
قوله: "بيان العلم والعلماء ، والفقه والفقهاء . . .إلخ"
المراد بالعلم (*) هنا العلم الشرعي وهو : علم ما أنزل الله على رسوله من البينات والهدى" والعلم الذي فيه المدح والثناء هو علم الشرع

علم ما أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم من الكتاب والحكمة قال الله تعالى : }قل هل يستوي الذي يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب{ ، {سورة الزمر ، الآية: 9} وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين" (1) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر" (2) ومن المعلوم أن الذي ورثه الأنبياء إنما هو علم الشريعة، ومع هذا فنحن لا ننكر ان يكون للعلوم الأخرى فائدة ، ولكنها فائدة ذات حدين: إن أعانت على طاعة الله وعلى نصر دين الله وأنتفع بها عباد الله كانت خيراً ومصلحة ، وقد ذكر بعض أهل العلم أن تعلم الصناعات فرض كفاية وهذا محل نظر ونزاع.
وعلى كل حال فالعلم الذي الثناء فيه وعلى طالبيه هو فقه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وما عدا ذلك فإن كان وسيلة إلى
خير فهو خير ، وإن كان وسيلة إلى شر فهو شر، وإن لم يكن وسيلة لهذا وهذا فهو ضياع وقت ولغو.
والعلم له فضائل كثيرة:
منها: أن الله يرفع أهل العلم في الآخرة وفي الدنيا، أما في الآخرة فإن الله يرفعهم درجات بحسب ما قاموا به من الدعوة إلى الله والعمل بما عملوا، وفي الدنيا يرفعهم الله بين عباده بحسب ما قاموا به قال الله تعالى: }يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات{ {سورة المجادلة، الآية: 11} .
ومنها : أنه إرث النبي صلى الله عليه وسلم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر"(1) .
ومنها : أنه مما يبقى للإنسان بعد مماته فقد ثبت في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مات العبد أنقطع عمله إلا ثلاث صدقة جارية، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح"(2)
ومنها : أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يرغب أحداً أن يغبط أحداً على شيء من النعم إلا على نعمتين هما:
1-طلب العلم والعمل به.
2-الغني الذي جعل ماله خدمة للإسلام ، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا حسد إلا في أثنتين رجل آناه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق ، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها" (1) .
ومنها: أن العلم نور يستضيء به العبد فيعرف كيف يعبد ربه وكيف يعامل غيره، فتكون مسيرته في ذلك على علم وبصيرة.
ومنها : أن العالم نور يهتدي به الناس في أمور دينهم ودنياهم ، ولا يخفى على كثير من الناس قصة الرجل الذي من بني إسرائيل قتل تسعاً وتسعين نفساً فسأل رجلاً عابداً هل له من توبة . فكأن العابد أستعظم الأمر فقال: "لا" فقتله السائل فأتم به المئة ، ثم ذهب إلى عالم فسأله فأخبره أن له توبة وأنه لا شيء يحول بينه وبين التوبة، ثم دله على بلد أهله صالحون ليخرج إليه
فخرج فأتاه الموت في أثناء الطريق ، والقصة مشهورة (1) فأنظر الفرق بين العالم والجاهل.
إذا تبين ذلك فلابد من معرفة من هم العلماء حقاً ، هم الربانيون الذين يربون الناس على شريعة ربهم حتى يتميز هؤلاء الربانيون عمن تشبه بهم وليس منهم ، يتشبه بهم في المظهر والمنظر والمقال والفعال، لكنه ليس منهم في النصيحة للخلق وإرادة
الحق ، فخيار ما عنده أن يلبس الحق بالباطل ويصوغه بعبارات مزخرفة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ، بل هو البدع والضلالات الذي يظنه بعض الناس هو العلم والفقه وأن ما سواه لا يتفوه به إلا زنديق أو مجنون.
هذا معنى كلام المؤلف –رحمه الله- وكأنه يشير إلى أئمة أهل البدع المضلين الذين يلمزون أهل السنة بما هم بريئون منه ليصدوا الناس عن الأخذ منهم ، وهذا إرث الذين طغوا من قبلهم وكذبوا الرسل كما قال الله تعالى: }كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول الله إلا قالوا ساحر أو مجنون{ {سورة الذاريات، الآية : 52} . قال الله تعالى : }أتواصوا به بل هم قوم طاغون{ . {سورة الذاريات، الآية: 53}.
الأصل الخامس
بيان الله سبحانه لأولياء الله وتفريقه بينهم وبين المتشبهين بهم من أعداء الله المنافقين والفجار ، ويكفي في هذا آية من سورة آل عمران وهي قوله: }قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله{ {سورة آل عمران، الآية: 31} . الآية ،و آية في سورة المائدة وهي قوله: }يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه{ {سورة المائدة، الآية: 54} . الآية ، وآية في يونس وهي قوله : }ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين أمنوا وكانوا يتقون{ {سورة يونس ، الآية: 62} ، ثم صار الأمر عند الله أكثر من يدعى العلم وأنه من هداة الخلق وحفاظ الشرع إلى أن الأولياء لا بد فيهم من ترك اتباع الرسل ومن تبعهم فليس منهم ولا بد من ترك اتباع الرسل ومن تبعهم فليس منهم ولا بد من ترك الجهاد فليس منهم ، ولا بد من ترك الإيمان والتقوى فمن تعهد بالإيمان والتقوى فليس منهم يا ربنا نسألك العفو والعافية إنك سميع الدعاء.
الشـرح
قوله: "بيان الله سبحانه لأولياء الله . . .إلخ"
أولياء الله تعالى هم الذين أمنوا به وأتقوه واستقاموا على دينه

وهم من وصفهم الله تعالى بقوله : }ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون{ فليس كل من يدعي الولاية يكون ولياً ، وإلا لكان كل واحد يدعيها ، ولكن يوزن هذا المدعي للولاية بعمله، إن كان عمله الإيمان والتقوى فإنه ولي ، وإلا فليس بولي وفي دعواه الولاية تزكية لنفسه وذلك ينافي تقوى الله عز وجل لأن الله تعالى يقول: }فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن أتقى{ {سورة النجم، الآية: 32} . فإذا أدعى أنه من أولياء الله فقد زكى نفسه وحينئذ يكون واقعاً في معصية الله وفيما نهاه الله عنه وهذا ينافي التقوى ، فأولياء الله لا يزكون أنفسهم بمثل هذه الشهادة، وإنما هم يؤمنون بالله ويتقونه، ويقومون بطاعته سبحانه وتعالى على الوجه الأكمل ، ولا يغرون الناس ويخدعونهم بهذه الدعوى حتى يضلوهم عن سبيل الله تعالى. فهؤلاء الذين يدعون أنفسه أحياناً اسياداً ، واحياناً أولياء لو تأمل الإنسان ما هم عليه لوجدهم أبعد ما يكونون عن الولاية والسيادة فنصيحتي لإخواني المسلمين أن لا يغترون بمدعي الولاية حتى يقيسوا حاله بما جاء في النصوص في أوصاف الأولياء
وولايته بما ساقه من الآيات :
الآية الأولى: قوله تعالى في آل عمران : }قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله{ {سورة آل عمران، الآية: 31} وهذه الآية تسمى آية المحنة أي الأمتحان حيث أدعى قوم محبة الله تعالى فأنزل الله هذه الآية فمن أدعى محبة الله تعالى نظرنا في عمله فإن كان متبعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فهو صادق وإلا فهو كاذب.
الآية الثانية: قوله تعالى في المائدة: }يا ايها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه{ ، {سورة المائدة، الآية: 54} . الآيتين فوصفهم بأوصاف هي علامة المحبة وثمراتها :
الوصف الأول: أنهم أذلة على المؤمنين فلا يحاربونهم ولا يقفون ضدهم ولا ينابذونهم.
الوصف الثاني: أنهم أعزة على الكافرين أي أقوياء عليهم غالبون لهم.
الوصف الثالث: أنهم يجاهدون في سبيل الله أي يبذلون الجهد في قتال أعداء الله لتكون كلمة الله هي العليا.
الوصف الرابع: أنهم لا يخافون في الله لومة لائم . أي إذا لامهم أحد على ما قاموا به من دين الله لم يخافوا لومته، ولم
يمنعهم ذلك من القيام بدين الله ع وجل.
الآية الثالثة: قوله تعالى في يونس: }ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون{ {سورة يونس، الآية: 62}. فبين الله تعالى أن أولياء الله تعالى هم الذين اتصفوا بهذين الوصفين: الإيمان والتقوى فالإيمان بالقلب، والتقوى بالجوارح ، فمن أدعى الولاية ولم يتصف بهذين الوصفين فهو كاذب.
ثم إن الشيخ-رحمه الله-بين أن الأمر صار على العكس عند أكثر من يدعى العلم وأنه من هداة الخلق وحفاظ الشرع فالولي عنده من لا يتبع الرسل ولا يجاهد في سبيل الله ولا يؤمن به ولا يتقيه.
ويحسن بنا أن ننقل هنا ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في رسالته: "الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان" (1) ونسوق ما تيسر منها:
قال رحمه الله-: "وقد بين سبحانه وتعالى في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أن لله أولياء من الناس ، وللشيطان أولياء، ففرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان: }ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا
يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك الفوز العظيم{ " {سورة يونس، الآيات: 62-64}. وذكر أولياء الشيطان فقال تعالى :}فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان فقال تعالى : }فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم إنه سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون{ {سورة النحل، الآيات: 98-100}. فيجب أن يفرق بين هؤلاء وهؤلاء كما فرق الله ورسوله بينهما، فأولياء الله هم المؤمنون المتقون . . . . وهم الذين آمنوا به ووالوه ، فأحبوا ما يحب ، وابغضوا ما يبغض ، ورضوا بما يرضى ، وسخطوا بما يسخط ، ومنعوا من يحب أن يمنع فلا يكون ولياً لله إلا من آمن به وبما جاء به ، واتبعه باطناً وظاهراً ، ومن أدعى محبة الله ولايته وهو لم يتبعه أي الرسول فليس من أولياء الله ، بل من خالفه كان من أعداء الله وأولياء الشيطان قال تعالى : }قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله{ {سورة آل عمران ، الآية : 31} فالناس متفاضلون في ولاية الله عز وجل بحسب تفاضلهم في الأيمان والتقوى ، وكذلك يتفاضلون في عداوة الله بحسب تفاضلهم في الكفر والنفاق . . وأولياء الله على طبقتين : سابقون مقربون.
وأصحاب يمين مقتصدون ذكرهم الله في عدة مواضع من كتابه العزيز في أول سورة الواقعة وآخرها ، وفي الإنسان ، والمطففين ، وفي سورة فاطر. . . والجنة درجات متفاضلة تفاضلاً عظيماً، وأولياء الله المؤمنون المتقون في تلك الدرجات بحسب إيمانهم وتقواهم.
فمن لم يتقرب إلى الله لا يفعل الحسنات ولا يترك السيئات لم يكن من أولياء الله فلا يجوز لأحد أن يعتقد أنه ولي لله لا سيما أن تكون محجته على ذلك إما مكاشفة سمعها منه، أو نوع من تصرف . . . فلا يجوز لأحد أن يستدل بمجرد ذلك على كون الشخص ولياً لله وإن لم يعلم منه ما ينقض ولاية الله ، فكيف إذا علم منه ما يناقض ولاية الله ؟‍ مثل أن يعلم أنه لا يعتقد وجوب أتباع النبي صلى الله عليه وسلم باطناً وظاهراً ، بل يعتقد أنه يتبع الشرع الظاهر دون الحقيقة الباطنة ، أو يعتقد أن لأولياء الله طريقاً إلى الله غير طريق الأنبياء عليهم السلام . . . فعلى هذا فمن أظهر الولاية وهو لا يؤدي الفرائض ولا يجتنب المحارم بل قد بما يناقض ذلك لم يكن لأحد أن يقول هذا ولي الله . . . وليس لأولياء الله شيء يتميزون به من الأمور المباحات . . .
وليس من شرط ولي الله أن يكون معصوماً لا يغلط ولا يخطئ ، بل يجوز أن يخفى عليه بعض علم الشريعة ويجوز أن يشتبه عليه بعض أمور الدين . . .ولهذا لما كان ولي الله يجوز أن يغلط لم يجب على الناس الإيمان بجميع ما يقوله من هو ولي الله يجوز أن يغلط لم يجب على الناس الإيمان بجميع ما يقوله من هو ولي لله لئلا يكون نبياً . . . بل يجب أن يعرض ذلك جميعه على ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فإن وافقه قبله ، وإن خالفه لم يقبله ، وإن لم يعلم أموافق هو أم مخالف؟ توقف فيه ، والناس في هذا الباب ثلاثة أصناف طرفان ووسط ، فمنهم من إذا أعتقد في شخص أنه ولي لله وافقه في كل ما يظن أنه حدث به قلبه عن ربه وسلم إليه جميع ما يفعله ، ومنهم من إذا رآه قال أو فعل ما ليس بموافق للشرع أخرجه عن ولاية الله بالكلية وإن كان مجتهداً مخطئاً . وخيار الأمور أوساطها : هو أن لا يجعل معصوماً ولا مأثوماً إذا كان مجتهداً مخطئاً ، فلا يتبع في كل ما يقوله ، ولا يحكم عليه بالكفر والفسق مع اجتهاده، والواجب على الناس اتباع ما بعث الله به رسوله . . . وقد أتفق سلف الأمة وأئمتها على أن كل واحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا من الفروق بين الأنبياء وغيرهم ، فالأنبياء صلوات الله عليه وسلامه يجب لهم الإيمان بجميع ما يخبرون به عن الله عز وجل وتجب طاعتهم فيما يأمرون به ، بخلاف
الأولياء فإنهم لا تجب طاعتهم في كل ما يأمرون به، ولا الإيمان بجميع ما يخبرون به بل يعرض أمرهم وخبرهم على الكتاب والسنة فما وافق الكتاب والسنة وجب قبوله ، وما خالف الكتاب والسنة كان مردودا ص، وإن كان صاحبه من أولياء الله وكان مجتهداً معذوراً فيما قاله، له أجر على أجتهاده ، لكنه إذا خالف الكتاب والسنة كان مخطئاً وكان من الخطأ المغفور إذا كان صاحبه قد أتقى الله ما أستطاع . . . . وهذا الذي ذكرته من أن أولياء الله يجب عليهم الأعتصام بالكتاب والسنة هو مما أتفق عليه أولياء الله عز وجل ومن خالف في هذا فليس من أولياء الله سبحانه الذين أمر الله باتباعهم ، بل إما أن يكون كافراً ، وإما أ، يكون مفرطاً في الجهل . . . . وكثير من الناس يغلط في هذا الموضع فيظن في شخص أنه ولي الله ، ويظن أ، ولي الله يقبل منه كل ما يقوله ، ويسلم إليه كل ما يقوله ويسلم إليه كل ما يفعله وإن خالف الكتاب والسنة فيوافق ذلك له ، ويخالف ما بعث الله به رسوله الذي فرض الله على جميع الخلق تصديقه فيما أخبر ، وطاعته فيما أمر ، وجعله الفارق بين أوليائه وأعدائه ، وبين أهل الجنة وأهل النار ، وبين السعداء
والأشقياء ، فمن اتبعه كان من أولياء الله المتقين وجنده والمفلحين وعباده الصالحين ، ومن لم يتبعه كان من أعداء الله الخاسرين المجرمين فتجره مخالفة الرسول وموافقة ذلك الشخص أولاً إلى البدعة والضلال ، وآخراً إلى الكفر والنفاق . . . وتجد كثيراً من هؤلاء عمدتهم في أعتقاده كونه ولياً لله أنه قد صدر عنه مكاشفة في بعض الأمور ، أو بعض التصرفات الخارقة للعادة . . .وليس في شيء من هذه الأمور ما يدل على أن صاحبها ولي لله بل قد أتفق أولياء الله على أ، الرجل لو طار في الهواء أو مشى على الماء لم يغتر به حتى ينظر متابعته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وموافقته لأمره ونهيه . . . وكرامات أولياء الله تعالى أعظم من هذه الأمور ، وهذه الأمور الخارقة للعادة وإن كان صاحبها ولياً لله فقد يكون عدواً لله فإن هذه الخوارق تكون لكثير من الكفار والمشركين وأهل الكتاب والمنافقين ، وتكون لأهل البدع ، وتكون من الشياطين فلا يجوز أن يظن أ، كل من كان له شيء من هذه الأمور أنه ولي لله ، بل يعتبر أولياء الله بصفاتهم وأفعالهم وأحوالهم التي دل عليها الكتاب والسنة ويعرفون بنور الإيمان والقرآن وبحقائق الإيمان الباطنة وشرائع الإسلام الظاهرة . . . وقد أتفق سلف الأمة وأثمتها وسائر أولياء الله تعالى على أن الأنبياء أفضل من
الأولياء الذين ليسوا بأنبياء وقد رتب الله عباده السعداء المنعم عليهم "أربع مراتب" فقال الله تعالى: }ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً{ {سورة النساء، الآية: 69} . . . ولهم الكرامات التي يكرم الله بها أولياءه المتقين وخيار أولياء الله كراماتهم لحجة في الدين أو لحاجة بالمسلمين كما كانت معجزات نبيهم صلى الله عليه وسلم كذلك ، وكرامات أولياء الله إنما حصلت ببركة اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي في الحقيقة تدخل في معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم . . . . ومما ينبغي أن يعرف أن الكرامات قد تكون بحسب حاجة الرجل فإذا احتاج غليها لضعف الإيمان أو المحتاج أتاه منها ما يقوى إيمانه ويسد حاجته، ويكون من هو أكمل ولاية الله منه مستغنياً عن ذلك فلا يأتيه مثل ذلك لعلو درجته وغناه عنها لا لنقص ولايته ، ولهذا كانت هذه الأمور في التابعين أكثر منها في الصحابة. بخلاف من يجري على يديه الخوارق لهدي الخلق ولحاجتهم فهؤلاء أعظم درجة . . . والناس في خوارق العادات على ثلاثة أقسام:
قسم يكذب بوجود ذلك لغير الأنبياء ، وربما صدق به مجملاً ، وكذب ما يذكره له عن كثير من الناس لكونه عنده
ليس من الأولياء.
ومنهم من يظن أن كل من كان له نوع من خرق العادة كان ولياً لله . وكلا الأمرين خطأ . . . ولهذا تجد أن هؤلاء يذكرون أن للمشركين وأهل الكتاب نصراء يعينونهم على قتال المسلمين وأنهم من أولياء الله، وأولئك يكذبون أن يكون معهم من له خرق عادة والصواب القول الثالث وهو أن معهم من ينصرهم من جنسهم لا من أولياء الله عز وجل .
وفيما نقل كفاية إن شاء الله تعالى ومن أراد المزيد فليرجع إلى الأصل والله الموفق.
الأصل السادس

رد الشبة التي وضعها الشيطان في ترك القرآن والسنة واتباع الآراء والأهواء المتفرقة المختلفة ، وهي أن القرآن والسنة لا يعرفهما إلا المجتهد المطلق، والمجتهد هو الموصوف بكذا وكذا أوصافا لعلها لا توجد تامة في أبي بكر وعمر ، فإن لم يكن الإنسان كذلك فليعرض عنهما فرضاً حتماً لا شك ولا أشكال فيه ، ومن طلب الهدى منها فهو إما زنديق ، وإما مجنون لأجل صعوبة فهمها فسبحان الله وبحمده كم بين الله سبحانه شرعاً وقدراً ، خلقاً وأمراً في رد هذه الشبهة الملعونة من وجوه شتى بلغت إلى حد الضروريات العامة ولكن أكثر الناس لا يعلمون }لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون إنا جعلنا في أعناقهم أغلالاً فهي إلى الأذقان فهم مقمحون وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون إنما تنذر من أتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة وأجر كريم{. {سورة يس ، الآيات: 7-11} .
آخره والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
الشرح

قوله : "رد الشبهة التي وضعها الشيطان في ترك القرآن والسنة واتباع الآراء والأهواء المتفرقة المختلفة. . . .إلخ"
الاجتهاد لغة: بذل الجهد لإدراك أمر شاق.
واصطلاحاً : بذل الجهد لإدراك حكم شرعي.
والاجتهاد له شروط منها:
1- أن يعلم من الأدلة الشرعية ما يحتاج إليه في اجتهاده كآيات الأحكام وأحاديثها.
2- أن يعرف ما يتعلق بصحة الحديث وضعفه كمعرفة الإسناد ورجاله وغير ذلك.
3- أن يعرف الناسخ والمنسوخ ومواقع الإجماع حتى لا يحكم بمنسوخ أو مخالف للاجماع.
4- أن يعرف من الأدلة ما يختلف به الحكم من تخصيص أو تقييد أو نحوه حتى لا يحكم بما يخالف ذلك
5- أن يعرف من اللغة وأصول الفقه ما يتعلق بدلالات الألفاظ كالعام والخاص، والمطلق والمقيد ، والمجمل والمبين ونحو ذلك ليحكم بما تقتضيه تلك الدلالات.
6- أن يكون عنده قدرة يتمكن بها من استنباط الأحكام من أدلتها.
والاجتهاد يتجزأ فيكون في باب واحد من أبواب العلم ، أو في مسألة من مسائلة ، والمهم أن المجتهد يلزمه أن يبذل جهده في معرفة الحق ثم يحكم بما يظهر له فإن أصاب فله أجران : أجر على أجتهاده وأجر على إصابة الحق ؛ لأن في إصابة الحق إظهاراً له وعملاً به ، وإن أخطأ فله أجر واحد والخطأ مغفور له لقوله صلى الله عليه وسلم :"إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر" (1) وإن لم يظهر له الحكم وجب عليه التوقف وجاز التقليد حينئذ للضرورة لقوله تعالى: }فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون{ {سورة النحل، الآية : 43} . ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :"إن التقليد بمنزلة أكل الميتة فإذا إستطاع أن يستخرج الدليل بنفسه فلا يحل له التقليد" وقال ابن القيم رحمه الله في النونية : العلم معرفة الهدى بدليل ما ذاك والتقليد يستويان
والتقليد يكون في موضعين:
الأول: أن يكون المقلد عامياً لا يستطيع معرفة الحكم بنفسه ففرضه التقليد لقوله تعالى: }فاسألوا أهل الذكر إن

كنتم لا تعلمون{ ويقلد أفضل من يجده علماً وورعاً ، فإن تساوى عنده إثنان خير بينهما.
الثاني : أن يقع للمجتهد حادثة تقتضي الفورية ولا يتمكن من النظر فيها فيجوز له التقليد حينئذ.

والتقليد نوعان: عام وخاص .
فالعام : أن يلتزم مذهبا معيناً يأخذ برخصه وعزائمه في جميع أمور دينه ، وقد أختلف العلماء فيه:
فمنهم من حكى تحريمه لما فيه من الإلتزام المطلق لاتباع غير النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله "إن في القول بوجوب طاعة غير النبي صلى الله عليه وسلم في كل أمره ونهيه هو خلاف الاجماع وجوازه فيه ما فيه" .
والخاص : أن يأخذ بقول معين في قضية معينة فهذا جائز إذا عجز عن معرفة الحق سواء الاجتهاد سواء عجز عجزاً حقيقياً ، أو أستطاع ذلك مع المشقة العظيمة.


...........................
.......ز
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ehabmtwale.forumegypt.net
الشيخ محمد بن بدران
مؤسس الموقع
مؤسس الموقع
الشيخ محمد بن بدران


عدد المساهمات : 443
نقاط : 650
تاريخ التسجيل : 27/05/2011

  شرح الأصول الستة لشيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله  Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح الأصول الستة لشيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله      شرح الأصول الستة لشيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله  Empty2011-09-09, 22:13

  شرح الأصول الستة لشيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله  Post-20628-1188683767
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
شرح الأصول الستة لشيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  مهم جدا لطلبة العلم وكيفية الرد على الفرق الضالة والمبتدعة.
»  شرح حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه **لشيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله**
» كيفية تعلم علم مصطلح الحديث وشروح **لشيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله*
»  شرح حديث **"من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد**لشيخنا العثيمين رحمه الله
»  من كتاب (مصطلح الحديث) **لشيخنا إبن عثيمين رحمه الله **

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
(موقع كفر المشارقة الاسلامى) اشراف الاستاذ ايهاب متولى :: ركن الاحاديث :: اطيب الكلم :: علم مصطلح الحديث-
انتقل الى: