(موقع كفر المشارقة الاسلامى) اشراف الاستاذ ايهاب متولى
مرحبا بك زائرنا الحبيب
مرحبا بك فى اعلام واقلام
مرحبا بك معنا فردا عزيزا علينا
نمنحك عند التسجيل العضو المميز
كما يمكنك الكتابة والتعليق فى بعض الفئات دون تسجيل
ونتمنى لكم مشاهدة ممتعة معنا
نسالكم الدعاء
اخوكم ايهاب متولى
(موقع كفر المشارقة الاسلامى) اشراف الاستاذ ايهاب متولى
مرحبا بك زائرنا الحبيب
مرحبا بك فى اعلام واقلام
مرحبا بك معنا فردا عزيزا علينا
نمنحك عند التسجيل العضو المميز
كما يمكنك الكتابة والتعليق فى بعض الفئات دون تسجيل
ونتمنى لكم مشاهدة ممتعة معنا
نسالكم الدعاء
اخوكم ايهاب متولى
(موقع كفر المشارقة الاسلامى) اشراف الاستاذ ايهاب متولى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

(موقع كفر المشارقة الاسلامى) اشراف الاستاذ ايهاب متولى

وفق الكتاب والسنة وما اتفقت عليه الامة
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولتلاوات الاشبالمنتدى حياتى ملك ربى
https://ehabmtwale.forumegypt.net/ لا تنسى ذكر الله
هــــــــــــــلا و غــــــــــــــلا فيك معانا في منتدانا.. بين اخوانك واخواتك الأعضاء ونبارك لأنفسنا أولاً ولك ثانياً بزوغ نجمك وإنضمامك لركب هذه القافلة الغالية علينا نتمنى لك طيب الإقامة وقضاء وقت مُمتع ولحظات سعيدة بصحبتنا .. بإذن الله في إنتظار ما يفيض به قلمك من جديد ومفيد .. لك مني أرق تحية مع خالص تحياتى (موقع كفر المشارقة الاسلامى) اشراف الاستاذ ايهاب متولى

 

 القول المفيد فى احكام التوحيد الجزء الاول باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
ايهاب متولى
مؤسس الموقع
مؤسس الموقع
ايهاب متولى


عدد المساهمات : 1578
نقاط : 3229
تاريخ التسجيل : 10/01/2011
العمر : 44

القول المفيد فى احكام التوحيد  الجزء الاول     باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان  Empty
مُساهمةموضوع: القول المفيد فى احكام التوحيد الجزء الاول باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان    القول المفيد فى احكام التوحيد  الجزء الاول     باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان  Empty2011-08-05, 14:12



* * *

باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان


سبب مجيء المؤلف بهذا الباب لدحض حجة من يقول: إن الشرك لا يمكن أن يقع في هذه الأمة، وأنكروا أن تكون عبادة القبور والأولياء من الشرك، لأن هذه الأمة معصومة منه، لقوله : "إن الشيطان أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم"(1).
والجواب عن هذا سبق عند الكلام على المسألة الثامنة عشرة من مسائل باب من تبرك بشجر أو حجر ونحوهما.
قوله: "أن بعض هذه الأمة"، أي: لا كلها، لأن في هذه الأمة طائفة لا تزال منصورة على الحق إلى قيام الساعة، لكنه سيأتي في آخر الزمان ريح تقبض روح كل مسلم، فلا يبقى إلى شرار الناس.
وقوله: "تعبد"، بفتح التاء، وفي بعض النسخ: "يعبد"، بفتح الياء المثناة من تحت.
فعلى قراءة "يعبد" لا إشكال فيها، لإن "بعض" مذكر.
وعلى قراءة "تعبد"، فإنه داخل في قول ابن مالك:
وربما أكسب ثان أولاً تأنيثاً أن كان لحذف موهلا
ومثلوا لذلك قولهم: قطعت بعض أصابعه، فالتأنيث هنا من أجل أصابعه لا من أجل بعض.
فإذا صحت النسخة "تعبد"، فهذا التأنيث اكتسبه المضاف من المضاف إليه.
قوله: "الأوثان"، جمع وثن، وهو: كل ما عبد من دون الله.
* * *
وقوله تعالى: ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت [النساء: 51].
ذكر المؤلف في هذا الباب عدة آيات:
 الآية الأولى قوله تعالى: ألم تر، الاستفهام هنا للتقرير والتعجيب، والرؤية بصرية بدليل أنها عديت بإلى، وإذا عديت بإلى صارت بمعنى النظر.
والخطاب إما للنبي ، أو لكل من يصح توجيه الخطاب إليه، أي: ألم تر أيها المخاطب؟
قوله: إلى الذين أوتوا، أي: أعطوا، ولم يعطوا كل الكتاب، لأنهم حرموا بسبب معصيتهم، فليس عندهم العلم الكامل بما في الكتاب.
قوله: نصيباً من الكتاب المنزل.
والمراد بالكتاب: التوراة والإنجيل.
وقد ذكروا لذلك مثلاً، وهو كعب بن الأشرف حين جاء إلى مكة، فاجتمع إليه المشركون، وقالوا: ما تقول في هذا الرجل (أي: النبي ) الذي سفه أحلامنا ورأى أنه خير منا؟ فقال لهم: أنتم خير من محمد، ولهذا جاء في أخر الآية: ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا [النساء: 51].
قوله: يؤمنون بالجبت والطاغوت، أي: يصدقون بهما، ويقرونهما لا ينكرونهما، فإذا أقر الإنسان هذه الأوثان، فقد آمن بها.
والجب: قيل: السر، وقيل: هو الصنم، والأصح: أنه عام لكل صنم أو سحر أو كهانة أو ما أشبه ذلك.
والطاغوت: ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع.
فالمعبود كالأصنام، والمتبوع كعلماء الضلال، والمطاع كالأمراء، فطاعتهم في تحريم ما أحل الله، أو تحليل ما حرم الله تعد من عبادتهم.
والمراد من كان راضياً بعبادتهم إياه، أو يقال: هو طاغوت باعتبار عابديه، لأنهم تجاوزوا به حده، حيث نزلوه فوق منزلته التي جعلها الله له، فتكون عبادتهم لهذا المعبود طغياناً، لمجاوزتهم الحد بذلك.
والطاغوت: مأخوذ من الطغيان، فكل شيء يتعدى به الإنسان حده يعتبر طاغوتاً.
وجه المناسبة في الآية للباب لا يتبين إلا بالحديث، وهو "لتركبن سنن من كان قبلكم"، فإذا كان الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت، وأن من هذه الأمة من يرتكب سنن من كان قبله يلزم من هذا أن في هذه الأمة من يؤمن بالجبت والطاغوت، فتكون الآية مطابقة للترجمة تماماً.
* * *
وقوله تعالى: قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنة الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت [المائدة: 60].
 الآية الثانية قوله تعالى: قل هل أنبئكم، الخطاب للنبي  رداً على هؤلاء اليهود الذي اتخذوا دين الإسلام هزواً ولعباً.
وقوله: أنبئكم، أي: أخبركم، والاستفهام هنا للتقرير والتشويق، أي: سأقرر عليكم هذا الخبر.
قوله: بشر من ذلك، شر: هنا اسم تفضيل، وأصلها أشر لكن حذفت الهمزة تخفيفاً لكثرة الاستعمال، ومثلها كلمة خير مخففة من أخير، والناس مخففة من الأناس، وكذا كلمة الله مخففة من الإله.
وقوله: ذلك المشار إليه ما كان عليه الرسول  وأصحابه، فإن اليهود يزعمون أنهم هم الذي على الحق، وأنهم خير من الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه، وأن الرسول وأصحابه ليسوا على الحق، فقال الله تعالى: قل هل أنبئكم.
قوله: مثوبة عند الله، مثوبة: تمييز لشر، لأن شر اسم تفضيل، وما جاء بعد أفعل التفضيل مبيناً له يكون منصوباً على التمييز.
قال ابن مالك:
اسم بمعنى من مبين نكرة ينصب تمييزاً بما قد فسره
إلى أن قال:
والفاعل المعنى انصبن بأفعلا مفضلاً كأنت أعلى منزلا
والمثوبة: من ثاب يثوب إذا رجع، ويطلق على الجزاء، أي: بشر من ذلك جزاء عن الله.
قوله: عند الله، أي: في عمله وجزائه عقوبة أو ثواباً.
قوله: من لعنه الله، من: اسم موصول خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هو من لعنه الله، لأن الاستفهام انتهى عند قوله مثوبة عند الله، وجواب الاستفهام: من لعنه الله ولعنه، أي: طرده وأبعده عن رحمته.
قوله: وغضب عليه، أي: أحل عليه غضبه، والغضب: صفة من صفات الله الحقيقية تقتضي الانتقام من المغضوب عليه، ولا يصح تحريفه إلى معنى الانتقام، وقد سبق الكلام عليه (ص 418).
والقاعدة العامة عند أهل السنة: أن آيات الصفات وأحاديثها تجرى على ظاهرها اللائق بالله - عز وجل ـ، فلا تجعل من جنس صفات المخلوقين، ولا تحرف فتنفى عن الله، فلا نغلو في الإثبات ولا في النفي.
قوله: وجعل منهم القردة والخنازير، القردة: جمع قرد، وهو حيوان معروف أقرب ما يكون شبهاً بالإنسان، والخنازير: جمع خنزير، وهو ذلك الحيوان الخبيث المعروف الذي وصفه الله بأنه رجس.
والإشارة هنا إلى اليهود، فإنهم لعنوا كما قال تعالى: لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم... الآية [المائدة: 78].
وجعلوا قردة بقوله تعالى: كونوا قردة خاسئين [البقرة: 65]، وغضب الله عليهم بقوله: فباؤوا بغضب على غضب [البقرة: 90].
قوله: وعبد الطاغوت، فيها قراءتان في عبد وفي الطاغوت:
الأولى: بضم الباء عبد، وعليها تكسر التاء في الطاغوت، لأنه مجرور بالإضافة.
الثانية: بفتح الباء عبد على أنه فعل ماض معطوف على قوله: لعنه الله صلة الموصول، أي: ومن عبد الطاغوت، ولم يعد من مع طول الفصل، لأن هذا ينطبق على موصوف واحد، فلو أعيدت مَنْ لأوهم أنهم جماعة آخرون وهم جماعة واحدة، فعلى هذه القراءة يكون عبد فعلاً ماضياً، والفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره هو يعود على "من" في قوله: من لعنه الله، الطاغوت بفتح التاء مفعولاً به.
وبهذا نعرف اختلاف الفاعل في صلة الموصول وما عطف عليه، لأن الفاعل في صلة الموصول هو الله، والفاعل في عبد يعود على "من".
وعلى كل حال، فالمراد بها عابد الطاغوت.
فالفرق بين القراءتين بالباء فقط، فعلى قراءة الفعل مفتوحة، وعلى قراءة الاسم مضمومة.
والطاغوت على قراءة الفعل في عبد تكون مفتوحة عبد الطاغوت، وعلى قراءة الاسم تكون مكسورة بالإضافة عبد الطاغوت.
وذكر في تركيب عبد مع الطاغوت أربع وعشرون قراءة، ولكنها قراءات شاذة غير القراءتين السبعيتين عَبَدَ عَبُدَ.
* * *
وقوله تعالى: قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجداً [الكهف: 21].
 الآية الثالثة قوله تعالى: قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجداً، هذه الآية في سياق قصة أصحاب الكهف، وقصتهم عجيبة، كما قال تعالى: أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا في آياتنا عجباً [الكهف: 9]، وهم فتية آمنوا بالله وكانوا في بلاد شرك، فخرجوا منها إلى الله - عز وجل ـ، فيسر الله لهم غاراً، فدخلوا فيه، وناموا نومة طويلة بلغت ثلاث مئة سنين وازدادوا تسعاً [الكهف: 25] وهم نائمون لا يحتاجون إلى أكل وشرب، ومن حكمة الله أن الله يقلبهم ذات اليمين وذات الشمال حتى لا يترسب الدم في أحد الجانبين، ولما خرجوا بعثوا بأحدهم إلى المدينة ليشتري لهم طعاماً، وآخر الأمر أن أهل المدينة اطلعوا على أمرهم، وقالوا: لابد أن نبني على قبورهم مسجداً.
وقوله: قال الذين غلبوا على أمرهم، المراد بهم: الحكام في ذات الوقت قالوا مقسمين مؤكدين: لنتخذن عليهم مسجداً، وبناء المساجد على القبور من وسائل الشرك كما سبق.
* فوائد الآيات السابقة:
من فوائد الآية الأولى ما يلي:
1- أن من العجب أن يعطى الإنسان نصيباً من الكتاب ثم يؤمن بالجبت والطاغوت.
2- أن العلم قد لا يعصم صاحبه من المعصية، لأن الذين أوتوا الكتاب آمنوا بالكفر، والذي يؤمن بالكفر يؤمن بما دون من المعاصي.
3- وجوب إنكار الجبت والطاغوت، لأن الله تعالى ساق الإيمان بهما مساق العجب والذم، فلا يجوز إقرار الجبت والطاغوت.
4- ما ساقها المؤلف من أجله أن من هذه الأمة من يؤمن بالجبت والطاغوت لقوله : "لتركبن سنن من كان من قبلكم"(1)، فإذا وجد في بني إسرائيل من يؤمن بالجبت والطاغوت، فإنه سيوجد في هذه الأمة أيضاً من يؤمن بالجبت والطاغوت.
* ومن فوائد الآية الثانية ما يلي:
1- تقرير الخصم والاحتجاج عليه بما لا يستطيع إنكاره، بمعنى أنك تحتج على خصمك بأمر لا يستطيع إنكاره فإن اليهود يعرفون بأن فيهم قوماً غضب الله عليهم ولعنهم وجعل منهم القردة والخنازير، فإذا كانوا يقرون بذلك وهم يستهزئون بالمسلمين، فنقول لهم: أين محل الاستهزاء؟! الذين حلت عليهم هذه العقوبات أم الذين سلموا منها؟
والجواب: الذين حلت بهم العقوبة أحق بالاستهزاء.
2- اختلاف الناس بالمنزلة عند الله، لقوله: بشر من ذلك مثوبة عند الله، ولا شك أن الناس يختلفون بزيادة الإيمان ونقصه وما يترتب عليه من الجزاء.
3- سوء حال اليهود الذي حلت بهم هذه العقوبات من اللعن والغضب والمسخ وعبادة الطاغوت.
4- إثبات أفعال الله الاختيارية، وأنه سبحانه يفعل ما يشاء، لقوله: لعنه الله، فإن اللعن من صفات الأفعال.
5- إثبات الغضب لله، لقوله: وغضب عليه.
6- إثبات القدرة لله، لقوله: وجعل منهم القردة والخنازير.
وهل المراد بالقردة والخنازير هذه الموجودة؟

والجواب: لا، لما ثبت في "صحيح مسلم" عن النبي : "أن كل أمة مسخت لا يبقى لها نسل"(1)، وإن القردة والخنازير كانوا قبل ذلك، وعلى هذا، فليس هذا الموجود من القردة والخنازير هو بقية أولئك الممسوخين.
7- أن العقوبات من جنس العمل، لأن هؤلاء الذين مسخوا قردة، والقرد أشبه ما يكون شبهاً بالإنسان، فعلوا فعلاً ظاهره الإباحة والحل وهو محرم، وذلك أنه حرم عليهم الصيد يوم السبت ابتلاء من الله، فإذا جاء يوم السبت امتلأ البحر بالحيتان، وظهرت على سطح الماء، وفي غيره من الأيام تختفي ولا يأتي منها شيء، فلما طال عليهم الأمد صنعوا شباكاً، فصاروا ينصبونها في يوم الجمعة ويدعون الحيتان تدخل فيها يوم السبت، فإذا أتى يوم الأحد أخذوها، وهذه حيلة ظاهرها الحل، ولكن حقيقتها ومعناها الوقوع في الإثم تماماً، ولهذا مسخوا إلى حيوان يشبه الإنسان وليس بإنسان، وهو القرد، قال تعالى: كونوا قردة خاسئين [البقرة: 65]، وهو يفيد أن الجزاء من جنس العمل، ويدل عليه صراحة قوله تعالى: فكلا أخذنا بذنبه [العنكبوت: 40].
8- أن هؤلاء اليهود صاروا يعبدون الطاغوت، لقوله: وعبد الطاغوت، ولا شك أنهم حتى الآن يعبدونه، لأنه عبدوا الشيطان وأطاعوه وعصوا الله ورسوله.
9- وفي الآية نكت نحوية في قوله: عليه و منهم في قوله تعالى: من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير، فالضمير في لعنه الهاء، وغضب عليه مفرد، ومنهم جمع، مع أن المرجع واحد، وهو من.
والجواب: أنه روعي في الإفراد اللفظ، وفى الجمع المعنى، وذلك أن من اسم موصول صالحه للمفرد وغيره، قال ابن مالك:
ومن وما وأل تساوي ما ذكر

لما ذكر الأسماء الموصولة من المفرد والمثنى والجمع من مذكر ومؤنث قال: ومن وما... إلخ.
وقال: من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة، ولم يقل: وجعلهم قردة، لان اللعن والغضب عام لهم جميعاً، والعقوبة بمسخهم إلى قردة وخنازير خاص ببعضهم، وليس شاملاً لبني إسرائيل.
* ومن فوائد الآية الثالثة ما يلي:
1- ما تضمن سياق هذه الآية من القصة العجيبة في أصحاب الكهف وما تضمنته من الآيات الدالة على كمال قدرة الله وحكمته.
2- أن من أسباب بناء المساجد على القبور الغلو في أصحاب القبور، لأن الذين غلبوا على أمرهم بنوا عليهم المساجد، لأنهم صاروا عندهم محل الاحترام والإكرام غلوا فيهم.
3- أن الغلو في القبور وإن قل قد يؤدي إلى ما هو أكبر منه، ولهذا قال النبي  لعلي حين بعثه: "ألا تدع قبراً مشرفاً إلا سويته"(1).
* * *
عن أبي سعيد (رضي الله عنه)، أن رسول الله  قال: "لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب، لدخلتموه". قالوا: يا رسول الله! اليهود والنصارى؟ قال: "فمن". أخرجاه(2)
قوله في الحديث: "لتتبعن"، اللام موطئة للقسم، والنون للتوكيد، فالكلام مؤكد بثلاثة مؤكدات: القسم المقدر، واللام، والنون، والتقدير: والله لتتبعن.
قوله: "سنن من كان قبلكم"، فيها روايتان: "سُنَن" و "سَنَن".
أما "سنن" بضم السين: جمع سنة، وهي الطريقة.
وأما "سنن"، بالفتح: فهي مفرد بمعنى الطريق.
وفعل تأتي مفرده مثل: فنن جمعها أفنان، وسبب جمعها أسباب.
وقفوله: "من كان قبلكم"، أي: من الأمم.
وقوله: "لتتبعن سنن من كان قبلكم" ليس على ظاهره، بل هو عام مخصوص، لأننا لو أخذنا بظاهره كانت جميع هذه الأمة تتبع سنن من كان قبلها، لكننا نقول: إنه عام مخصوص، لأن في هذه الأمة من لا يتبع كما أخبر النبي  أنه لا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق، وقد يقال: إن الحديث على عمومه وأنه لا يلزم أن تتبع هذه الأمم الأمةُ السابقة في جميع سننها، بل بعض الأمة يتبعها في شيء وبعض الأمة يتبعها في شيء آخر، وحينئذ لا يقتضي خروج هذه الأمة من الإسلام، وهذا أوى لبقاء الحديث على عمومه، ومن المعلوم أن من طرق من كان قبلنا ما لا يخرج من الملة، مثل: أكل الربا، والحسد، والبغي، والكذب.
ومنه ما يخرج من الملة: كعبادة الأوثان.
السنن: هي الطرائق، وهي متنوعة، منها ما هو اعتداء على حق الخالق، ومنها ما هو اعتداء على حق المخلوق، ولنستعرض شيئاً من هذه السنن.
فمن هذه السنن: عبادة القبور والصالحين، فإنها موجودة في الأمم السابقة وقد وجت في هذه الأمة، قال تعالى عن قوم نوح: وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً [نوح: 23].
ومن ذلك الغلو في الصالحين كما وجد في الأمم السابقة وجد في هذه الأمة.
ومنها: دعاء غير الله، وقد جاء في هذه الأمة.
ومنها: بناء المساجد على القبور موجود في السابقين، وقد وجد في هذه الأمة.
ومنها: وصف الله بالنقائص والعيوب، فقد قالت اليهود: يد الله مغلولة [المائدة: 64]، وقالوا: إن الله فقير ونحن أغنياء [آل عمران: 181]، وقالوا: إن الله تعب من خلق السماوات والأرض، وقد وجد في هذه الأمة من قال بذلك أو أشد منه، فقد وجد من قال: ليس له يد، ومن قال: لا يستطيع أن يفعل ما يريد فلم يستو على العرش، ولا ينزل إلى السماء الدنيا ولا يتكلم، بل وجد في هذه الأمة من يقول: بإنه ليس داخلاً في العالم، وليس خارجاً عنه ولا متصلاً به ولا منفصلاً عنه، فوصفوه بما لا يمكن وجوده، ومنهم من قال: لا تجوز الإشارة الحسية إليه، ولا يفعل، ولا يغضب، ولا يرضى، ولا يحب، وهذا مذهب الأشاعرة.
ومنها أكسل السحت، فقد وجد في الأمم السابقة ووجد في هذه الأمة.
ومنها: أكل الربا، فقد وجد في الأمم السابقة ووجد في هذه الأمة.
ومنها: التحيل على محارم الله، فقد وجد في الأمم السابقة ووجد في هذه الأمة.
ومنها: إقامة الحدود على الضعفاء ورفعها عن الشرفاء، فقد وجد في الأمم السابقة ووجد في هذه الأمة.
ومنها: تحريف كلام الله عن مواضعه لفظاً ومعنى، كاليهود حين قيل لهم: ادخلوا الباب سجداً وقولوا حطة [البقرة: 58]، فدخلوا على قفاهم، وقالوا: حنطة ولم يقولوا حطة، ووجد في هذه الأمة من فعل كذلك، فحرف لفظ الاستواء إلى الاستيلاء، قال تعالى: الرحمن على العرش استوى [طه: 5]، وقالوا هم: الرحمن على العرش استولى.
قال ابن القيم: إن اللام في استولى مزيدة زادها أهل التحريف كما زاد اليهود في (حطة) فقالوا: (حنطة).

نون اليهود ولام جهمي هما
أمر اليهود بأن يقولوا حطة
وكذلك الجهمي قيل له استوى
في وحي رب العرش زائدتان
فأبوا وقالوا حنطة لهوان
فأبى وزاد الحرف للنقصان

ووجد في الأمم السابقة من اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله، ووجد في هذه الأمة من يعارض قول النبي  بقول شيخه.
فإذا تأملت كلام النبي  وجدته مطابقاً للواقع: "لتتبعن سنن من كان قبلكم"، ولكن يبقى النظر: هل هذا الحديث للتحذير أو للإقرار؟
الجواب: لا شك أنه للتحذير وليس للإقرار، فلا يقول أحد سأحسد وسآكل الربا، وسأعتدي على الخلق، لأن الرسول  قال ذلك، فمن قال ذلك، فإننا نقول له: أخطأت، لأن قول النبي  لا شك أنه للتحذير، ولهذا قال الصحابة: اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟
ثم نقول لهم أيضاً: إن الرسول  أخبر بأشياء ستقع، ومع ذلك أخبر بأنها حرام بنص القرآن.
فمن ذلك أنه أخبر أن الرجل يكرم زوجته ويعق أمه، وأخبر أن الإنسان يعصي أباه ويدني صديقه(1)، وهذا ليس بجائز بنص القرآن، لكن قصد التحذير من هذا العمل.
ووجد في الأمم السابقة من يقول للمؤمنين: إن هؤلاء لضالون، ووجد في هذه الأمة من يقول للمؤمنين: إن هؤلاء لرجعيون.
فالمعاصي لها أصل في الأمم على حسب ما سبق، ولكن من وفقه الله للهداية اهتدى.
والحاصل: أنك لا تكاد تجد معصية في هذه الأمة إلا وجدت لها أصلاً في الأمم السابقة.
ولا تجد معصية في الأمم السابقة إلا وجدت لها وارثاً في هذه الأمة.
* أما مناسبة الحديث للباب:
فلأنه لما عبدت الأمم السابقة الأصنام والأوثان فسيكون في هذه الأمة من يعبد الأصنام والأوثان.
قوله: "حذو القذة بالقذة"، حذو بمعني: محاذياً، وهي منصوبة على الحال من فاعل تتبعن، أي: حال كونكم محاذين لهم حذو القذة بالقذة.
والقذة: هي ريشة السهم، والسهم له ريش لابد أن تكون متساوية تماماً، وإلا، صار الرمي به مختلاً.
قوله: "حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه"، هذه الجملة تأكيد منه  للمتابعة.
وجحر الضب من اصغر الجحور، ولو دخلوا جحر أسد من باب أولى أن ندخله، فالنبي  قال ذلك على سبيل المبالغة، كقوله : "من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً طوقه الله به يوم القيامة من سبع أرضين"(1)، ومن اقتطع ذراعاً، فمن باب أولى.
قوله: "قالوا اليهود والنصارى" يجوز فيها وجهان:
الأول: نصب اليهود والنصارى على أنه مفعول لفعل محذوف تقديره: أتعني اليهود والنصارى؟
الثاني: الرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره: أهم اليهود والنصارى؟
وعلى كل تقدير، فالجملة إنشائية لأنهم يسألون النبي ، فهي استفهامية، والاستفهام من باب الإنشاء.
واليهود: أتباع موسى عليه الصلاة والسلام، وسموا يهوداً نسبة إلى يهوذا من أحفاد إسحاق، أو لأنهم هادوا إلى الله، أي: رجعوا إليه بالتوبة من عبادة العجل.
والنصارى: هم أتباع عيسى عليه الصلاة والسلام، وسموا بذلك نسبة إلى بلدة تسمى الناصر، وقيل: من النصرة، كما قال تعالى: من أنصاري إلى الله [الصف: 14].
قوله: "قال فمن"، من هنا: اسم استفهام، والمراد به التقرير، أي: فمن أعني غير هؤلاء، أو فمن هم غير هؤلاء؟ فالصحابة رضي الله عنهم لما حدثهم  بهذا الحديث كأنه حصل في نفوسهم بعض الغرابة، فلما سألوا قرر النبي  أنهم اليهود والنصارى.
* من فوائد الحديث:
1- ما أراده المؤلف بسياقه، وهو أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان، لأنه من سنن من قبلنا، وقد أخبر  أننا سنتبعهم.
2- ويستفاد أيضاً من فحوى الكلام التحذير من متابعة من قبلنا في معصية الله.
3- أنه ينبغي معرفة ما كان عليه من كان قبلنا مما يجب الحذر منه لنحذره، وغالب ذلك - ولله الحمد - موجود في القرآن والسنة.
4- استعظام هذا الأمر عند الصحابة، لقولهم اليهود والنصارى، فإن الاستفهام للاستعظام، أي: استعظام الأمر أن نتبع سنن من كان قبلنا بعد أن جاءنا الهدى من النبي .
5- أنه كلما طال العهد بين الإنسان وبين الرسالة، فإنه يكون أبعد من الحق، لأنه أخبر عن مستقبل ولم يخبر عن الحاضر، وأن من سنن من قبلنا أنه لما طال عليهم الأمد قست قلوبهم، قال تعالى: ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون [الحديد: 16].
فإذا كان طول الأمد سبباً لقسوة القلب فيمن قبلنا، فسيكون فينا، ويشهد لذلك ما جاء في "البخاري" من حديث أنس رضي الله عنه، أنه قال: سمعت النبي  يقول: "لا يأتي على الناس زمان إلا وما بعده شره منه، حتى تلقوا ربكم"(1)، ومن تتبع أحوال هذه الأمة وجد الأمر كذلك، لكن يجب أن نعرف الفرق بين الجملة والأفراد، لحديث أنس رضي الله عنه حديث صحيح سنداً ومتناً، فالمتن ليس فيه شذوذ، والسند في "البخاري"، والمراد به من حيث الجملة، ولذلك يوجد في أتباع التابعين من هو خير من كثير من التابعين، فلا تيأسوا، فتقولوا: إذاً لا يمكن أن يوجد في زماننا هذا مثل من سبق، لأننا نقول: إن مثل هذا الحديث يراد به الجملة، وإذا شئتم أن يتضح الأمر، فأنظرو إلى جنس الرجال وجنس النساء، أيهما خير؟
والجواب: جنس الرجال خير، قال تعالى: وللرجال عليهن درجة [البقرة: 228]، لكن يوجد في النساء من هي خير من كثير من الرجال، فيجب أن نعرف الفرق بين الجملة والأفراد.
فإذا نظرنا إلى مجموع القرن كله نجد أن ما بعد القرن شر منه، لا باعتبار الأفراد ولا باعتبار مكان دون مكان، فقد تكون أمة في بعض الجهات يرتفع الناس فيها من حسن إلى أحسن، كما لو نشأ فيها علماء نفع الله بهم، فإنهم يكونون أحسن ممن سبقهم.
أما الصحابة، فلا أحد يساويهم في فضل الصحبة، حتى أفرادهم لا يمكن لأحد من التابعين أن يساويهم فيها مهما بلغ من الفضل، لأنه لم يدرك الصحبة.
مسألة: ما هي الحكمة من ابتلاء الأمة بهذا الأمر: "لتتبعن سنن..." إلخ، وأن يكون فيها من كل مساوئ من سبقها؟
الجواب: الحكمة ليتبين بذلك كمال الدين، فإن لدين يعارض كل هذه الأخلاق، فإذا كان يعارضها دل هذا على أن كل نقص في الأمم السابقة، فإن هذه الشريعة جاءت بتكميله، لأن الأشياء لا تتبين إلا بضدها، كما قيل: وبضدها تتبين الأشياء.
* (تنبيه):
قوله: "حذو القذة بالقذة" لم أجده في مظانه في "الصحيحين"، فليحرر.
* * *
ولمسلم(1) عن ثوبان (رضي الله عنه)، أن رسول الله  قال: "إن الله زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها، وأعطيت الكنزين: الأحمر والأبيض".
قوله: "زوى لي"، بمعنى جمع وضم، أي: جمع له الأرض وضمها.
قوله: "فرأيت"، أي: بعيني، فهي رؤية عينية، ويحتمل أن تكون رؤية منامية.
قوله: "مشارقها ومغاربها"، وهذا ليس على الله بعزيز، لأنه على كل شيء قدير، فمن قدرته أن يجمع الأرض حتى يشاهد النبي  ما سيبلغ ملك أمته منها.
وهل المراد هنا بالزوي أن الأرض جمعت، أو أن الرسول  قوي نظره حتى رأى البعيد؟
الأقرب إلى ظاهر اللفظ: أن الأرض جمعت، لا أن بصره قوي حتى رأى البعيد؟
وقال بعض العلماء: المراد قوة بصر النبي : أي أن الله أعطاه قوة بصر حتى أبصر مشارق الأرض ومغاربها، لكن الأقرب الأول، ونحن إذا أردنا تقريب هذا الأمر نجد أن صورة الكرة الأرضية الآن مجموعة يشاهد الإنسان فيها مشارق الأرض ومغاربها، فالله على كل شيء قدير، فهو قادر على أن يجمع له  الأرض حتى تكون صغيرة فيدركها من مشارقها إلى مغاربها.
* اعتراض وجوابه:
فإن قيل: هذا إن حمل على الواقع، فليس بموافق للواقع، لأنه لو حصرت الأرض بحيث يدركها بصر النبي  المجرد، فأين يذهب الناس والبحار والجبال والصحارى؟
والجواب: بأن هذا من الأمور الغيبية التي لا يجوز أن تورد عليها كيف ولم، بل نقول: إن الله على كل شيء قدير، إذ قوة الله - سبحانه - أعظم من قوتنا وأعظم من أن نحيط بها، ولهذا أخبر النبي  أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم(2)، فلا يجوز أن نقول: كيف يجري مجرى الدم؟ فالله أعلم بذلك.
وهذه المسائل التي لا ندركها يجب التسليم المحض لها، ولهذا نقول في باب الأسماء والصفات: تجرى على ظاهرها مع التنزيه عن التكييف والتمثيل وهذا ما اتفق عليه أهل السنة والجماعة.
وقوله: "فرأيت مشارقها ومغاربها"، أي أماكن الشرق والغرب منها.
قوله: "وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها"، والمراد: أمة الإجابة التي آمنت بالرسول  سيبلغ ملكها ما زوي للرسول  منها، وهذا هو الواقع، فإن ملك هذه الأمة اتسع من المشرق ومن المغرب اتساعاً بالغاً، لكنه من الشمال والجنوب أقل بكثير، والأمة الإسلامية وصلت من المشرق إلى السند والهند وما وراء ذلك، ومن المغرب إلى ما وراء المحيط، وهذا يحقق ما رآه النبي .
قوله: "وأعطيت الكنزين: الأحمر والأبيض"، الذي أعطاه هو الله.
والكنزان: هما الذهب والفضة كنوز كسرى وقيصر، فالذهب عند قيصر، والفضة عند كسرى، وكل منهما عنده ذهب وفضة، لكن الأغلب على كنوز قيصر الذهب، وعلى كنوز كسرى الفضة.
وقوله: "أعطيت" هل النبي  أعطيها في حياته، أم بعد موته؟
الجواب: بعد موته أعطيت أمته ذلك، لكن ما أعطيت أمته، فهو كالمعطى له، لأن امتداد ملك الأمة لا لأنها أمة عربية كما يقوله الجهال، بل لأنها أمة إسلامية أخذت بما كان عليه الرسول .
* * *
وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة بعامة، وأن لا يسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال: يا محمد‍‍ إني إذا قضيت قضاء، فإنه لا يرد، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة بعامة، وأن لا أسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بأقطارها، حتى يكون بعضهم يهلك بعضاً، ويسبي بعضهم بعضاً".
قوله: "وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة بعامة"، هكذا في الأصل: "بعامة"، والمعنى بمهلكة عامة، وفي رواية في بعض النسخ: "بسنة عامة".
السنة: الجدب والقحط، وهو يهلك ويدمر، قال : "اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف"(1)، وقال تعالى: ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين [الأعراف: 130]، ويحتمل أن يكون المعنى بعام واحد، فتكون الباء للظرفية.
وعامة، أي: عموماً تعمهم، هذه دعوة.
قوله: "وأن لا يسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم" أي لا يسلط عليهم عدواً. والعدو: ضد الولي، وهو: المعادي المبغض الحاقد، وأعداء المسلمين هنا: هم الكفار، ولهذا قال: "من سوى أنفسهم".
ومعنى: "يستبيح": يستحل، والبيضة: ما يجعل على الرأس وقاية من السهام.
والمراد: يظهر عليهم ويغلبهم.
قوله: "إذا قضيت قضاء، فإنه لا يرد"،
اعلم أن قضاء الله نوعان:
1- قضاء شرعي قد يرد، فقد يريده الله ولا يقبلونه.
2- قضاء كوني لا يرد، ولابد أن ينفذ.
وكلا القضاءين قضاء بالحق، وقد جمعهما قوله تعالى: والله يقضى بالحق [غافر: 20].
ومثال القضاء الشرعي: قوله تعالى: وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه [الإسراء: 23]، لأنه لو كان كونياً، لكان كل الناس لا يعبدون إلا الله.
ومثال القضاء الكوني: قوله تعالى: وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علواً كبيراً [الإسراء: 4]، لأن الله تعالى لا يقضي شرعاً بالفساد، لكنه يقضي به كوناً وإن كان يكرهه سبحانه، فإن الله لا يحب الفساد ولا المفسدين، لكنه يقضي بذلك لحكمة بالغة، كما قسم خلقه إلى مؤمنين وكافرين، لما يترتب على ذلك من المصالح العظيمة.
والمراد بالقضاء في هذا الحديث: القضاء الكوني، فلا أحد يستطيع رده مهما كان من الكفر والفسوق، فقضاء الله نافذ على أكبر الناس عتواً واستكباراً، فقد نفذ على فرعون وأغرق بالماء الذي كان يفتخر به، وعلى طواغيت بني آدم فأهلكهم الله ودمرهم.
وفي قوله: "إذا قضيت قضاء، فإنه لا يرد" من كمال سلطان الله وقدرته وربوبيته ما هو ظاهر، لأنه ما من ملك سوى الله إلا يمكن أن يرد ما قضى به.
واعلم أن قضاء الله كمشيئته بالحكمة، فهو لا يقضي قضاء إلا والحكمة تقتضيه، كما لا يشاء شيئاً إلا والحكمة تقتضيه، ويدل عليه قوله تعالى: وما تشاؤون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليماً حكيماً [الإنسان: 30]، فتبين أنه لا يشاء شيئاً إلا عن علم وحكمة، وليس لمجرد المشيئة.
خلافاً لما أنكر حكمة الله من الجهمية وغيرهم، فقالوا: إنه لا يفعل الأشياء إلا لمجرد المشيئة، فجعلوا على زعمهم المخلوقين أكمل تصرفاً من الله، لأن كل عاقل من المخلوقين لا يتصرف إلا لحكمة، ولهذا كان الذي يتصرف بسفه يحجر عليه، قال تعالى: ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً [النساء: 5].



ت
ابعوناااااا
ااااااااا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ehabmtwale.forumegypt.net
الشيخ محمد بن بدران
مؤسس الموقع
مؤسس الموقع
الشيخ محمد بن بدران


عدد المساهمات : 443
نقاط : 650
تاريخ التسجيل : 27/05/2011

القول المفيد فى احكام التوحيد  الجزء الاول     باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان  Empty
مُساهمةموضوع: رد: القول المفيد فى احكام التوحيد الجزء الاول باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان    القول المفيد فى احكام التوحيد  الجزء الاول     باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان  Empty2011-08-06, 15:44



جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم




مجهود رائع وعرض متميز

واسمح لى ان ابدى اعجابى باسالوبكم الرائع

دمتم ودامت اقلامك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
القول المفيد فى احكام التوحيد الجزء الاول باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» القول المفيد فى احكام التوحيد الجزء الاول باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله
» القول المفيد فى احكام التوحيد الجزء الاول
» القول المفيد فى احكام التوحيد الجزء الاول باب ما جاء في السحر
» القول المفيد فى احكام التوحيد الجزء الاول باب الشفاعة
» القول المفيد فى احكام التوحيد الجزء الاول باب ما جاء في الرقى والتمائم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
(موقع كفر المشارقة الاسلامى) اشراف الاستاذ ايهاب متولى :: الكتب الاسلامية :: مكتبة الكتب الاسلامية-
انتقل الى: