ايهاب متولى مؤسس الموقع
عدد المساهمات : 1578 نقاط : 3229 تاريخ التسجيل : 10/01/2011 العمر : 45
| موضوع: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) (البقرة:197). 2011-08-11, 22:06 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
من أسرار القرآن:
(369)- (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)
(البقرة:197).
بقلم
الأستاذ الدكتور/ زغلول راغب النجار
هذا النص القرآني الكريم جاء في بداية الثلث الأخير من سورة "البقرة", وهي سورة مدنية, وآياتها مائتان وست وثمانون (286) بعد البسملة, وهي أطول سور القرآن الكريم على الإطلاق, وتأتي بعد فاتحة الكتاب مباشرة. وقد سميت السورة الكريمة بهذا الاسم لورود الإشارة فيها إلى معجزة حسية أجراها الله- تعالى- على يدي عبده ونبيه موسى- على نبينا وعليه من الله السلام- حين تعرض شخص من قومه للقتل , ولم يُعرف قاتله , فأوحى الله- سبحانه وتعالى- إلى عبده موسى أن يأمر قومه بذبح بقرة , وأن يضربوا جثة الميت بجزء منها فيحيا بإذن الله , ويخبر عن قاتله ثم يموت , وذلك إحقاقاً للحق , وشهادة لله- تعالى- بالقدرة على إحياء الموتى.
هذا , وقد سبق لنا استعراض سورة "البقرة" , وما جاء فيها من تشريع , ومن ركائز العقيدة, ومن دعوة إلى الالتزام بمكارم الأخلاق، وقصص , وإشارات كونية , ونركز هنا على أوجه الإعجاز التشريعي في تحديد مواعيد الحج وآدابه .
من أوجه الإعجاز التشريعي في النص الكريم
أولاً: الإعجاز التشريعي في تحديد زمن الحج:
حدد ربنا- تبارك وتعالى- لأداء فريضة الحج وقتاً معلوماً هو شهور شوال , وذو القعدة والعشر الأوائل من شهر ذي الحجة .
ولله- تعالى- أن يفضل بعلمه المحيط ما يشاء من خلقه على بعض وذلك من الأزمنة , والأماكن , والرسل والأنبياء , والأفراد الآخرين من بني آدم، ففي تفضيل الرسل قال- تعالى- : (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ) (البقرة: 253).
ومن تفضيل الأنبياء قال- تعالى-: (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ) (الإسراء:55). ومن تفضيل بعض أفراد بني آدم على بعض قال- سبحانه وتعالى-: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ*) (الزخرف: 32).
ومن تفضيل بعض الأماكن على بعض قال- تعالى- في فضل مكة المكرمة :
(1) (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) (البقرة: 125).
(2) (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ* فِيهِ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ*) (آل عمران: 96 , 97).
(3) (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ*) (القصص: 57).
(4) (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ*) ( الأنعام : 92 ).
(5) (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ*) (الشورى:7 ).
(6) (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ*) (الحج: 25).
(7) (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ*) (البقرة : 144).
ومن تفضيل بعض الأزمنة على بعض قال- تعالى- :
(1) (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) (التوبة: 36).
(2) (جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (المائدة: 97).
(3) (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) (البقرة : 185).
(4) (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ *) (الفجر: 1-2).
(5) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) ( الجمعة : 9).
(6) (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ *) (القدر: 3-5).
وواضح من هذه الآيات الكريمة أن الله- تعالى- قد جعل يوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع, وأنزل في فضله سورة من سور القرآن الكريم (هي سورة الجمعة), وجعل شهر رمضان أفضل شهور السنة, واختصه بإنزال هدايته للبشرية فيه, وجعل الليالي العشر الأخيرة منه أفضل عشرة ليال بالسنة وجعل أفضلها على الإطلاق ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر. ومن بعد رمضان يأتي فضل أشهر الحج وفضل بقية الأشهر الحُرُم . فجعل ربنا- تبارك وتعالى- الأيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة أفضل عشرة أيام في السنة (بمعنى النهار) وجعل أشرفها على الإطلاق يوم عرفة (أي نهار عرفة), وفي ذلك يقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: " ما من أيام عند الله أفضل من عشر ذي الحجة " فقال رجل : هن أفضل , أم عدتهن جهاداً في سبيل الله ؟ قال- صلى الله عليه وسلم- : " هن أفضل من عدتهن جهاداً في سبيل الله , وما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة , ينزل الله- سبحانه وتعالى- إلى السماء الدنيا , فيباهي بأهل الأرض أهل السماء فيقول : انظروا إلى عبادي, جاؤوني شعثاً غبراً ضاحين, جاؤوا من كل فج عميق, يرجون رحمتي ولم يروا عذابي, فلم ير يوم أكثر عتقاً من النار من يوم عرفة " ( أبو يعلى , البزار , ابن خزيمة وابن حبان).
لذلك كان الوقوف بعرفة هو ركن الحج الأعظم . وحرَّم ربنا- تبارك وتعالى- الأشهر الحرم منذ الأزل (وهي ذو القعدة, وذو الحجة, والمحرم, ورجب ) وجعل القتال فيها مُحرّماً.
من هنا كان في قول ربنا- تبارك وتعالى-: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ...*) تأكيد على حرمة الوقت الذي حدده- سبحانه- منذ الأزل للإحرام بالحج في أشهر معلومات ( هي شوال , وذو القعدة , والعشر الأوائل من ذي الحجة ). وعلى ذلك فلا يصح الإحرام بالحج إلا في هذه الأشهر التي حددها ربنا- تبارك وتعالى- والتزم بها خاتم أنبيائه ورسله- صلى الله عليه وسلم- .
ففي سنة 8 للهجرة تم فتح مكة المكرمة , وتم تطهير الحرم المكي مما كان المشركون قد وضعوا فيه من الأصنام والأوثان والنصب. وفي السنة التاسعة من الهجرة نزلت سورة "التوبة" بتحريم الطواف بالبيت على المشركين. وفي السنة العاشرة من الهجرة أخبر ربنا- تبارك وتعالى- خاتم أنبيائه ورسله- صلى الله عليه وسلم- بأن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السموات والأرض, بعد أن كان عرب الجاهلية قد عبثوا بالأشهر القمرية عندما استخدموا فكرة النسيء وهي فكرة شيطانية, فأربكوا معلومات الناس عن شهور السنة, ومن ثم أمره- سبحانه وتعالى- بأداء فريضة الحج بعد أن طهر هذه الشعيرة من أدران الجاهلية بالكامل, وبين للمسلمين مواقيت , ومناسك, وآداب هذه العبادة العظيمة التي يكرم الله- تعالى- من يختاره من عباده لأدائها. فخرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- للحج في أواخر شهر ذي القعدة سنة عشر هجرية , وكانت الحجة الوحيدة التي أداها ورافقه فيها جمع غفير من المسلمين, ولذلك عرفت باسم " حجة الوداع ", أو " حجة البلاغ " أو " حجة الإسلام ".
.................. ,,,,,,,,,,,,,,,, | |
|
*محمود* المدير العام
عدد المساهمات : 150 نقاط : 155 تاريخ التسجيل : 12/02/2011
| موضوع: رد: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) (البقرة:197). 2011-09-06, 13:56 | |
| | |
|