الشيخ محمد بن بدران مؤسس الموقع
عدد المساهمات : 443 نقاط : 650 تاريخ التسجيل : 27/05/2011
| موضوع: خطبة عن "وقفات في سورة الواقعة" 2011-09-21, 14:11 | |
|
خطبة عن "وقفات في سورة الواقعة"
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب عبرة للمعتبرين وموعظة للمتقين ونبراساً منيراً للمهتدين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك الحق المبين. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى على جميع الرسل والنبيين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. • أما بعد فيا أيها المسلون : اتقوا الله تعالى وتدبروا كتاب ربكم الذي أنزله رحمة بكم وموعظة لكم وإصلاحاً لينكم ودنياكم. • أيها المسلمون عباد الله : إن القرآن موعظةٌ من ربكم وشفاء لما في صدوركم ... ولقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يخطب به في الجمعة كثيراً , قالت أم هشام:"ما أخذت سورة "ق" إلا عن رسول الله يقرؤها كل جمعة على المنبر إذا خطب الناس". • أيها المسلمون : وها نحن اليوم نقتدي برسولنا صلى الله عليه وسلم في الخطب المنبرية نقف معكم وقفات مع آيات من سورة الواقعة نعم يا عباد الله: سورة الواقعة سورة عظيمة فقد تحدثت عن مشاهد عظيمة يوم القيامة كما تحدثت عن انقسام الناس في ذلك اليوم العظيم إلى ثلاثة أقسام. إنها سورة عظيمة تؤثر على القلوب وتهز الوجدان والنفوس حتى اسمها يدلك على يوم ينتظر الناس يوم واقع ليس له من دافع .. باسمها "الواقعة" بدأ الله بها فقالإِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ . لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ) القيامة واقعة لا محالة لا شك في وقوعها كما قال تعالىفَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ) وقالسَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ . لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ) فالواقعة هي القيامة هكذا سماها الله كما سماها الصاخَّة والطَّامة والقارعة والغاشية والحاقَّة وسماها البعث. وسمى الله ذلك اليوم بيوم الفصل ويوم الدين ويوم الحسرة ويوم الخلود ويوم الحساب ويوم الوعيد ويوم الآزفة ويوم الجمع ويوم التلاق ويوم التناد ويوم التغابن وسماه الناقور وهو يوم الزلزلةويوم القصاص ويوم العرض ويوم الندامة ويوم الفرار. وهو يوم تشخص فيه الأبصار وتبتلى فيه السرائر وهو يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم" ومن أسمائه "خافضةٌ رافعةٌ" كما قال تعالى هنا في هذه السورة: (إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ . لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ. خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ) خافضة : القيامة تخفض أقواماً كانوا في الدنيا مرفوعين متكبرين تخفضهم القيامة ويكونون أمثال الذر يطؤهم الناس بأقدامهم – وتخفض أعداء الله وتخفض أهل الجهل والفجور والعصيان وترفع من كان في الدنيا ذليلاً مسكيناً كما ترفع أهل الإيمان والعلم ويرتفع المؤذنون الذين لا أحد يأبه لهم يأتي المؤذن يوم القيامة مرفوع الرأس كما ثبت ذلك في الحديث الذي رواه مسلم أن الرسول قال:"المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة". ويحشر الناس في ذلك اليوم حفاةً عراةً غرلاً: نساءً ورجالاً لا ينظر بعضهم إلى بعض من شدة هول الموقف وتقترب الشمس فوق رؤوسهم حتى تصير مقدار ميل وينصب العرق من الناس حتى يكون بعض الناس يصل العرق إلى ركبتيه وبعضهم إلى حقويه وبعضهم إلى فمه وبعضهم يلجمه العرق إلجاماً... و "إذا وقعت الواقعة" وقامت القيامة ونفخ إسرافيل في الصور ( رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجّاً) (وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسّاً) فالأرض تتزلزل وتدك وترتجف والجبال تتفتت وتصير كالهباء المنبث وكالعهن المنفوش بعد أن كانت جبالاً متماسكة. قال تعالى: (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا) وقال: (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ )وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً) وقال: (كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكّاً دَكّاً) وقال: (يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيباً مَهِيلاً) وقالوَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَت) وقالوَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً) وقالوَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) وقال: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً) وأما السماء فتتشقق وتنفطر (إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ) (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ) وإذا انشقت صارت السماء ضعيفة جداً (وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ) أي ضعيفة. وأما الشمس فإنها تتكور (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) يجمع بعضها على بعض ويذهب ضوءها – والقمر ينخسف والنجوم تنكدر والبحار تتفجر وتتسجّر وتشتعل ناراً. فالكون كله يحل له – يا عباد الله –دمار رهيب... فإذا حصل هذا وقامت القيامة ووقعت الواقعة وقام الناس من قبورهم وحصل التغير في هذا الكون انقسم الناس إلى ثلاثة أصناف: سابقون مقربون وأصحاب ميمنة أبرار وأصحاب مشئمة فجار. قال تعالى في هذه السورة (وَكُنْتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاثَةً , فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ , وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ , وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) أما المقربون السابقون وأصحاب اليمين فهم أهل الجنة نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم , إلا أن المقربين في جنات أعلى وأكمل من أصحاب اليمين .. كلهم في الجنة لكن جنة المقربين غير جنة أصحاب اليمين , جنة المقربين من ذهب وجنة أصحاب اليمين من فضة والسبب في هذا أن المقربين أعمالهم عظيمة وطاعاتهم كثيرة ولهذا هم أقل من أصحاب اليمين. أكثر أهل الجنة هم أصحاب اليمين والقلة هم من المقربين. لأن الله لما ذكر المقربين في هذه السورة قالثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وقَلِيْلٌ مِنَ الْآخِرِينَ) ولما ذكر أصحاب اليمين في هذه السورة قال: (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ و ثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ) قال السدي:"جمهور أهل الجنة هم أصحاب اليمين". وقال الحسن البصري:"المقربون قد مضوا ولكن اللهم اجعلنا من أصحاب اليمين". • أيها المسلمون عباد الله: أما المقربون فهم السابقون في هذه الدنيا إلى الطاعات. المقربون هم السابقون يوم القيامة إلى الجنات المقربون هم المقربون إلى فاطر الأرض والسماوات , المقربون: هم المتقربون إلى الله بالنوافل والطاعات. المقربون: هم السابقون إلى الخيرات , المقربون: هم الذين يكثرون من النوافل والعبادات , المقربون: هم الذين يصلون بالليل والناس نيام , المقربون: هم الذين يصلون الفرائض وزادوا وصلوا النوافل. المقربون: هم الذين يصومون رمضان وزادوا وصاموا الست والاثنين والخميس أو ثلاثة أيام من كل شهر وعرفة وعاشوراء. المقربون: هم الذين أدوا الحج وزادوا وأدوا العمرة. المقربون: هم الذين قاموا بالعلم الشرعي وزادوا وقاموا بالدعوة والتعليم. المقربون: هم الذين أمروا أهليهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر وزادوا فأمروا الناس بذلك. المقربون: هم الذين أدوا الزكاة وزادوا وتصدقوا بالصدقات. المقربون: هم الذين ذكروا الله في صلواتهم وزادوا وذكروه بعد الصلاة وزادوا وذكروه في الصباح والمساء. المقربون هم الذين تركوا الحرام وزادوا وتركوا المكروه وزادوا وتركوا المباح من فضول الكلام والنظر والقيل والقال. لذلك: أحبهم الله حباً مطلقاً فكفأهم جنات النعيم في أعلى الجنات في جنة الفردوس فوقها مباشرة عرش الرحمن. جعلني الله وإياكم ممن يحبهم الله ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار.اللهم آمين ... أقول قـــــولي هـــذا واستغفـر الله ..... الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين وأصلي على النبي الأمين محمد بن عبدالله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد أيها المسلمون:الآخرة.مقربون وصفهم الله مرتين بأنهم السابقين فقال: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) يعني السابقون في الدنيا هم السابقون في الآخرة... المقربون في الدنيا هم المقربون في الآخرة فهمعَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ , مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ) فهم في غاية الراحة والاتكاء والاستقرار. أما شرابهم: (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ , بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ , لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنْزِفُونَ)الخمر الذي هو حرام في الدنيا صار لهم حلالاً في الآخرة. وأما طعامهم: (وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُون , وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ) نساؤهم: (وَحُورٌ عِينٌ , كَأَمْثَالِ الْلُؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ) بياض فوق بياض وجمال فوق جمال وصفاء فوق صفاء – حسنات العيون – كل ذلك (جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ). وأما مجتمعهم: (إِلَّا قِيلاً سَلاماً سَلاماً) لا يسمعون لغواً من القول أو كلاماً منكِّداً أو منغِّصاً – كلامهم ذكر لله وتسبيح وحمد وثناء من غير كدٍ أو عناءٍ (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ) (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ , الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ) • أيها المسلمون: وأصحاب الصنف الثاني فهم أصحاب اليمين وهم جمهور أهل الجنة وأكثرهم. أصحاب اليمين هم الذين قاموا بالطاعات والعبادات وتركوا المحرمات. أصحاب اليمين صلوا الفرائض وصاموا رمضان وحجوا بيت الله الحرام. أصحاب اليمين قاموا بالواجب وتركوا المحرم ولكن قصروا في النوافل فجعلوا ما لله لله وما لأنفسهم لأنفسهم – ناموا في الليل مع النائمين – قد ينشطون فيفعلون شيئاً من النوافل كصدقات أوصلوات أونحوها ولكن لتقصيرهم في بعض الطاعات تذهب نوافلهم إلى تكميلها وبهذا يسلمون من العذاب. كافأهم الله تعالى فجعلهم (فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ) شجر لا شوك فيه (وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ) موز ثمره ملي (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ , وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ) بدون فاتورة (وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ , لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ) (وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ) على الفرش بنسائهم (إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً , فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً) جعل الله نسائهم على نشأة جديدة بكراً دائماً وأبداً كلما عاد إليها زوجها وجدها بكراً (عُرُباً أَتْرَاباً) على سن واحدة متحببات إلى أزواجهن كل ذلك (لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ , ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ , وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ). جعلني الله وإياكم من أهل الجنان. اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من السابقين المقربين ومن التالين لكتابك والمنتفعين. اللهم ارزقنا الزهادة في الدنيا والرغبة في الآخرة والدين – وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد المصطفى المختار وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون –أذكروا الله العظيم يذكركم ...
...................... | |
|
الشيخ محمد بن بدران مؤسس الموقع
عدد المساهمات : 443 نقاط : 650 تاريخ التسجيل : 27/05/2011
| موضوع: رد: خطبة عن "وقفات في سورة الواقعة" 2011-09-24, 16:53 | |
| | |
|
الشيخ محمد بن بدران مؤسس الموقع
عدد المساهمات : 443 نقاط : 650 تاريخ التسجيل : 27/05/2011
| موضوع: رد: خطبة عن "وقفات في سورة الواقعة" 2011-09-24, 16:56 | |
| | |
|