خطبة عن استقبال رمضان وبيان فضائله وخصائصه ( رقـم 1 )
خطبـــــــــة عـــــــن مــفطـــرات الصــوم ومباحاته ( رقـم 2 )
خطبـــــــــة عـــن شــــروط الــــــصــــــــــــــــوم ( رقــم 3 )
خطبــــة عــن الــعــشــر الأواخــر والاعــتكــــاف ( رقــم 4 )
خطبــــــة عــن الــزكــاة وزكـاة الفــــطــــــــــرة ( رقــم 5 )
خطبة عن استقبال رمضان وبيان فضائله وخصائصه ( رقـم 1 )
الحمد لله الذي منَّ على عباده بمواسم الخيرات ليغفر لهم بذلك الذنوب ويكفر عنهم السيئات ويرفع لهم الدرجات. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واسع العطايا والهبات. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أفضل المخلوقات صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً.
• أما بعد فيا أيها المسلمون :
لقد فضل الله بعض النبيين على بعض وفضل بعض الملائكة على بعض. لقد فضل الله محمداً على بقية الأنبياء وفضل جبريل على سائر الملائكة وفضل الرسل على الأنبياء وفضل الأنبياء على العلماء وفضل العلماء على سائر الناس وفضل الرجال على النساء وفضل القرآن على بقية الكتب وفضل الجمعة على سائر الأيام وفضل الآخرة على الدنيا وفضل العلم على الجهل وفضل رمضان على سائر الشهور وفضل ليلة القدر على بقية ليالي رمضان.
• أيها المسلمون عباد الله :
إننا على موعد مع الشهر العظيم والموسم الكريم ولطالما حنَّت إليه القلوب واشتاقت إليه النفوس إنه شهر القرآن والجود والخيرات والإحسان شهر يحبه الفقراء ويسعد به الأغنياء شهر ينتظره العباد بالقلب والروح و الفؤاد ..
شهر الصبر .. شهر التوبة .. شهر الصيام .. شهر القيام .. شهر القرآن إنه شهر رمضان. " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى و الفرقان "
خطبتنا في هذا اليوم مع فضائل هذا الشهر العظيم وماله من خير وخصائص ثم نذكر تنبيهات عامة متعلقة بهذا الشهر المبارك.
• أيها المسلمون عباد الله :
لقد خص الله رمضان بخصائص عظيمة وفضائل جزيلة وفضَّله على بقية الشهور.
- من خصائص هذا الشهر الكريم : أن الله جعل صيامه فرض بل و ركن من أركان الإسلام بل ولا يوجد شهر من الشهور الصوم فيه فرض أو واجب إلا هذا الشهر ولم يرخص لأحد في الإفطار في هذا الشهر إلا المسافر أو المريض أو الرجل الكبير في السن الذي لا يستطيع الصوم أو المرأة الحامل التي تتضرر بالصيام أو المريض الذي لا يرجي شفاؤه ونحوهم. وهذا يا إخوان يدل على عظمة هذا الشهر لأنه ما قال من شاء صامه ومن شاء تركه بل قال :" فمن شهد منكم الشهر فليصمه ".
- ومن خصائص هذا الشهر المبارك : أن الله ضاعف فيه الأعمال الصالحات وضاعف فيه الحسنات فجعل الفريضة الواحدة في شهر رمضان كأجر سبعين فريضة وجعل النافلة الواحدة كأجر فريضة كما جاء ذلك في حديث سلمان الفارسي عند ابن خزيمة والبيهقي. فإذا كانت الفريضة بسبعين فريضة والنافلة تعادل فريضة فهل يليق بنا أن نضيع هذه الخيرات ونتخذ هذا الشهر للهو والسهر وضياع الأوقات.
- ومن خصائص هذا الشهر : أن فيه ليلة هي ليلة القدر تعادل في الفضل والأجر والثواب ألف شهر ما يقرب من ثلاثة وثمانين سنة. فماذا نريد أكثر من هذا ؟ والله إنه لفضل عظيم لا يكاد المسلم أحياناً يتصوره.
- ومن خصائص وفضائل هذا الشهر : أن الله نوَّع فيه الأجر و الثواب فجعل أول الشهر رحمة وجعل أوسطه مغفرة وجعل آخره عتق من النار. كما جاء ذلك في حديث سلمان المذكور آنفاً. فانظروا إلى هذا الكرم وهذا الإحسان: أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار . فالرحمة لمن ؟ للمحسنين المتقين. و المغفرة لمن ؟ للمذنبين التائبين ! و العتق من النار لمن ؟ لمن ارتكب ذنوباً استوجب دخول النار .
فانظروا جعل الرحمة في أول الشهر لأنها لأهل البر و الإحسان وأهل الخير والطاعات و الإيمان. فكن أخي من المحسنين في هذا الشهر الكريم أو كن من التائبين لتنال المغفرة و العتق من النار . فما أعظمه من شهر لو علم المسلم ما فيه من الخير لتمنى أن تكون السنة كلها رمضان ..
- و من أعظم خصائص هذا الشهر العظيم : أنه تفتح فيه أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب النيران : بل كل يوم يزين الله فيه جنته ويقول: يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المؤونة والأذى ويصيروا إليكِ. فيا أيها الناس الفرصة أمامكم فتحت لكم أبواب الجنة لتدخلوها فاغتنموا الفرص قبل فوات الأوان. وما فتحت أبواب الجنة إلا من كثرة الطاعات وما غلقت أبواب النيران إلا لقلة المعاصي و الآثام.
- وكذلك من الخصائص العظيمة لهذا الشهر المبارك : أن الشياطين تغل وتصفد ولهذا يقل الشر في هذا الشهر ويزداد الخير بشكل واضح وملحوظ حتى أنك تلاحظ الفرق العظيم " الشاسع " بين آخر يوم في شعبان وأول يوم في رمضان من محافظة على الصلوات ومن تلاوة لقرآن ومن ذكر للرحمن ونحو ذلك.
• أيها المسلمون :
وأما ما نراه من بعض المعاصي في رمضان فإنما هو بسب النفس الأمارة بالسوء أو أن الإنسان إذا كثرت فجوره وآثامه ومعاصيه فإن شيطانه لا يقيد – بل تقيد الشياطين عن الطائعين التائبين المحسنين.
- ومن خصائص هذا الشهر أيضاً :" مشروعية صلاة التراويح " التي من حافظ عليها حتى آخر رمضان غفر الله له ما تقدم من ذنبه قال النبي صلى الله عليه وسلم :" من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " أخرجاه
فحافظوا على صلاة التراويح جماعة في المساجد ولا تصلي بعضها ثم تنصرف فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة ".
- ومن خصائص هذا الشهر : أن من صامه إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه كما صح بذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم لكن تصوم إيماناً واحتساباً ليس مجرد صيام بل صيام لله لأن الله أمرك لا مجرد كون الناس كلهم يصومون ثم تصوم عن نفس منشرحة راضية غير كارهة لا ترى أن هذا الشهر ثقيل تحسب أيامه وتعد ساعاته تراه أنه ضيفاً ثقيلاً , بل تصوم برغبة ونفس راضية منشرحة احتساب الأجر من الله.
نسأله تعالى أن يوفقنا للصيام والدعاء والقيام إنه سميع مجيب.
قلت ما سمعتم .......
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين والصلاة .......
• أما بعد فيا أيها المسلمون :
وهاهنا تنبيهات مهمة متعلقة بشهر رمضان :
- ومن هذه التنبيهات : أن على المسلم أن يزيل البغضاء والشحناء التي بينه وبين الناس فمن كان بينه وبين أخيه شحناء لا يكلمه ولا يسلم عليه أي متخاصم هو و إياه عليه أن يتجنب هذه الخصومة والشحناء ويسلم على أخيه لأن الأعمال تعرض على الله في كل يوم إثنين وخميس فيغفر لكل إنسان لا يشرك بالله شيئاً إلا من كان بينه وبين أخيه شحناء يقول :" اتركوا هذين حتى يصطلحا " هكذا ورد في حديث رواه مسلم في صحيحه. ومعلوم أن شهر رمضان هو شهر المغفرة والرحمة – فالمغفرة لا تنزل على المتشاحنين المتخاصمين إلا بعد الصلح – فانتبهوا لهذه النقطة فإنها مهمة وحساسة.
- و من التنبيهات المهمة : أن عليك أن تحافظ على صيامك . حافظ عليه من كل ما يفسده من غيبة محرمة أو
نظر محرم أو سماع أغاني لأن سماع الأغاني ينقص أجر الصائم. حافظوا على هذا الصيام من كل فعل محرم كالغش والظلم ونقص الميزان وحافوا عليه من السب واللعن والشتم وإذا سبك أحد أو شتمك فقل له : جزاك الله خير – إني صائم ولا ترد عليه حتى لو قال لك يا حيوان أو يا بليد أو نحو ذلك لا ترد عليه أنت متلبس بعباده قل له:"إني صائم " الرسول صلى الله عليه وسلم يقول :" من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه "
- ومن التنبيهات : أن تحذر من صيام يوم الشك وهو يوم الثلاثين من شعبان لأن من صام هذا اليوم فقد عصى أبا القاسم . بل نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تقدم صيام رمضان بيوم أو يومين إلا لمن كان له عادة.
- ومن التنبيهات : أن تحافظ على صلاة التراويح وأن تجهز نفسك لها بالنظافة واستعمال السواك واعلم أنه يستحب أن تستعمل السواك لكل ركعتين حتى يعظم الأجر ويزيد الثواب . ثم علموا أن من جاء منكم متأخراً والناس في صلاة التراويح وهو لم يصل العشاء عليه أن يدخل الجماعة هم بنية التراويح وهو بنية العشاء وهذا خير له من أن يصلي لوحده أو يقيم جماعة ثانية في المسجد.
- ومن التنبيهات : أن تحرصوا على الدعاء حال الإفطار وتقول :" ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إنشاء الله تعالى "
- ومن التنبيهات : أن على كل واحد من الآباء ممن لديه أطفال أن يحذرهم من اللعب في المسجد خاصة أثناء أداء صلاة التراويح وعلى من رأى أي واحد من الأولاد أن يبلغ أباه ويكلمه بالأسلوب الحسن حتى يتعاون الجميع على البر و التقوى.
نسأله تعالى أن يوفقنا لصيام رمضان وقيامه وأن يتقبل من صالح الأعمال إنه سميع مجيب الدعاء.
خطبة عن مفطرات الصوم ومباحاته ( رقم 2 )
• أما بعد فيا أيها المسلمون عباد الله:
قال الله تعالى :" يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ". وقال تعالى يبين لنا متى يبدأ الصيام فقال :" فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ".
فإذا طلع الفجر وتبين إما عن طريق المشاهدة والنظر إذا كان الإنسان في قرية وفضاء بعيداً عن الأضواء أو عن طريق سماع المؤذنين الذين يؤذنون إعلاناً بطلوع الفجر فهنا قد دخل وقت الصيام ويستمر إلى غروب الشمس.
• أيها المسلمون :
في هذه الفترة المذكورة تجنبوا المفطرات الحسية وتجنبوا المفطرات المعنوية .. أما المفطرات الحسية فمثل الأكل والشرب وهي تبطل الصيام وتفسده وسأذكر هنا سبعة مفطرات يجب على الصائم أن يتجنبها .
- أولها وأخطرها :" الجماع " هذا أعظم المفطرات وأشدها وإذا حصل من الصائم في نهار رمضان بطل صومه وعليه كفارة مغلظة ذكرت في الحديث الصحيح وهي عتق رقبة فإن لم يجد فعليه أن يصوم شهرين متتابعين في غير
رمضان فإن لم يستطع فعليه أن يطعم ستين مسكيناً. و المرأة إن فعلت ذلك باختيارها عليها الكفارة المذكورة.
- ومن المفطرات : إنزال المني بفعل من الصائم سواء عن طريق اللمس أو الضم أو الاستمناء أو غير ذلك فإن نزل هذا الماء بفعل من الصائم أي هو الذي تسبب في إخراجه فقد أفطر الصائم أما لو نزل عن طريق الاحتلام فلا يبطل الصوم وكذلك لو خرج المذي فإنه لا يضر .
وهذا المفطر الذي ذكرناه قال به الجمهور من العلماء وقد دلت عليه مجموعة من الأدلة منها قوله تعالى في الحديث القدسي :" يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي " ومعلوم أن إنزال المني من أعظم الشهوات. نعم لو خرج مقدماته من المذي فإنه لا حرج ولكن فيه مثل يقول " الحذر ولا الشجاعة " وأحسن من هذا المثل قــول النبي صلى الله عليه وسلم :"من حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه " فننصح المتزوجين خاصة الشباب منهم الابتعاد عن كل ما يؤدي إلى الإفطار من لمس أو قبلات أو نحوها . وإن كان ذلك ليس حراماً كما تدل عليه مجموعة من الأدلة.
ومن المفطرات : وهو معلوم للناس الأكل و الشرب سواء كان الطعام الذي أكلته قليلاً أم كثيراً وسواء كان نافعاً للجسم أم ضار كالدخان أو " ما يسمى عندنا بالشمة " سواء دخل عن طريق الفم أو عن طريق الأنف لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للقيط بن صبرة :" بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً " نعم شم العطورات لا يؤثر لأنه ليس لها جرم يدخل إلى الجوف.
- ومن المفطرات : الإبر المغذية لأنها بمعنى الأكل و الشرب ثم إنه من تعاطاه استغنى عن الطعام وعن الشراب. فهي مصنوعة كغذاء جاهز وكون الإنسان لم يتناولها عن طريق الفم هذا لا يضر لأن المقصود من الطعام والشراب متحقق في هذا النوع من الإبر.
وحتى الإبر الأخرى الوريدية والعضلية لا تظنوا أن الأمر فيها سهل أو هين فإن الدواء الذي يُعطى يستفيد منه الجسم حيث يصل إلى الأمعاء ويمتص ويستفيد منه الجسم. وصحيح أن هذا لا يقوم مقام الغذاء لكن ألا ترى أنه لو أن قطرة ماء تجاوزت موضع اللهاة من الحلق أن هذا يفسد الصوم !! ونحن لا نقول للناس إن هذه الإبر العضلية أو الوريدية أنها من المفطرات لكن نقول كما قال صلى الله عليه وسلم :" دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " وفي المساء غنية عن النهار.
- ومن المفطرات : خروج القيء وهو " الطراش " إذا فعله الصائم عن عمد كأن أدخل يده وأخرج القيء. أما إذا هاجت معدته وخرج الطعام عن غير قصد منه فلا يفطر لقوله صلى الله عليه وسلم :" من ذرعه القيء فليس عليه قضاء ومن استقاء عمداً فليقضِ " رواه البغوي و أبو داود والترمذي وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
فإن قلت : كيف تقولون إن الإنسان إذا تعمد الطراش بطل صومه مع أن هذا مما خرج لا مما دخل؟
فالجواب :
قاعدة مما خرج لا يبطل و مما دخل لا يبطل قاعدة باطلة غير صحيحة ألا ترى إنزال المني يفسد الصوم وهو مما خرج لا مما دخل ألا ترى دم العادة إذا خرج من المرأة وهي صائمة بطل صومها وهو مما خرج لا مما دخل.
ومن المفطرات : خروج دم الحيض أو دم النفاس من المرأة فإن خرج وهي صائمة بطل صومها وعليها القضاء وهذا مجمع عليه عند العلماء.
• هذا واعلموا يا إخوان :
أن العلماء اختلفوا في الحجامة إذا نزل الدم بالحجامة هل يبطل الصوم أم لا ؟ وهناك حديث " أفطر الحاجم والمحجوم ". وعلى كل حال فعل الحجامة ليلاً أفضل للصائم تجنباً من الخلاف وأخذاً بالأحوط. نعم خروج الدم عن طريق الرعاف لا يؤثر على الصيام كذلك خروجه من أجل الفحص الطبي لا يؤثر وكذا لو خرج الدم من بين الأسنان أو الأضراس كل هذا لا يؤثر بإذن الله تعالى.
أقـــــــــــــــول ما ســـــــــمـــعتـم ...........
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين و .............
• أما بعد فيا أيها المسلمون :
قد ذكرنا لكم المفطرات الحسية ذكرنا للتنبيه منها وليكون الصائم على بصيرة من أمره.
أما المفطرات المعنوية : فهي التي تخل بالصيام وتبطل ثوابه أو على الأقل تنقصه ومن هذه الأمور الاستماع إلى الأغاني في نهار رمضان . ومن هذه أيضاً الغيبة وهي الكلام على الناس في شيء يكرهونه وكذلك من هذه الأمور السب و الشتم واللعن والكلام البذيء الساقط ونحو ذلك لهذا الرسول صلى الله عليه وسلم كما صح عنه في البخاري يقول :" من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ". وقال :" رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش " وقال كما هو عند ابن خزيمة :" إن الصيام ليس من الأكل و الشرب فقط إنما الصيام من اللغو والرفث " وفي الصحيحين قال عليه الصلاة والسلام :" إذا كان يومُ صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم ".
• أيها المسلمون :
إحفظوا صيامكم من هذه المفطرات وصوموا تقرباً لرب البريات بل زيدوا على ذلك بأن تجملوا صيامكم بآداب الصيام :أكثروا من الدعاء في نهار رمضان وأكثروا من الذكر ومن تلاوة القرآن واجعلوا سحوركم في آخر الليل وأخروه إلى قريب الفجر و ادعوا الله تعالى عند الإفطار وتصدقوا أثناء الصيام كل بحسب حاله حتى يعظم أجركم ويزيد ثوابكم .
نسأله تعالى أن يتقبل منا ومنكم الصيام و القيام وتلاوة القرآن.
وصلــــــــــــوا ............
خطبة عن شروط الصوم ( رقم 3 )
• أما بعد فيا أيها المسلمون :
إعلموا أن الصيام واجب على كل مسلم بالغ عاقل قادر مقيم سواء كان ذكر أو أنثى خالية من الحيض والنفاس. فالرجل الكافر لو صام ما تقبل الله منه صيامه حتى يدخل في الإسلام. والطفل الصغير الذي لم يبلغ لا يجب عليه الصيام لكن إن كان مميزاً وصام صح منه الصيام وأجر صومه يحتسب له ولوالديه أجر المتابعة والمراقبونونة "رفعت امرأة صبي لها في الحج فقالت يا رسول الله ألهذا حج؟ قال : نعم ولكِ أجر " لم يقل نعم ولكِ الأجر , لأن الأجر يكون للصبي لكن لها أجر المتابعة والإحجاج به ونحو ذلك.
• أيها المسلمون عباد الله :
صوِّموا أولادكم الذكور والإناث إذا كانوا يستطيعون الصيام ويطيقونه حتى يتعودوا عليه في المستقبل ولكم أجر في ذلك إنشاء الله تعالى ولقد كان الصحابة يصومون أولادهم وهم صغار حتى كان الصبي ربما يبكي من الجوع فيعطونه لعبة يتسلى بها. فاقتدوا بهؤلاء الأخيار واجعلوهم أسوة لكم ولا يقل أحدكم إن طفلي صغير لا أريد أن أشق عليه. واعلموا أن العلماء قالوا إذا بلغ الطفل عشر سنوات وجب على الأب أن يأمره بالصيام فإن رفض يضربه.
واعلموا أيها الناس أن "العقل" شرط في الصوم. فمن كبر في السن واختل عقله حتى أنه لا يدري ماذا يقول أو لا يميز أقاربه أو انه لا يدري ما ليله من نهاره ونحو ذلك فهذا قد سقط عنه الصوم بل سقطت عنه الصلاة ولا شيء عليه لا قضاء ولا كفارة نعم لو كان عقله ثابتاً ويميز لكنه رجل كبير في السن عمره تسعين مثلاً يشق عليه الصيام فهذا يسقط عنه الصوم ويجب عليه الفدية يطعم عن كل يوم يفطره مسكيناً مد من الطعام. قال ابن عباس كما ثبت ذلك عنه في صحيح البخاري " الشيخ والشيخة إذا كانا لا يطيقان الصوم يطعمان عن كل يوم مسكيناً".
وهكذا المريض الذي لا يستطيع الصوم لا حاضراً ولا مستقبلاً كأصحاب أمراض الكلى أو نحوهم ممن يحتاج إلى الماء بشكل مستمر وأصحاب الأمراض الخطيرة كأمراض السرطان أو الكبد أو نحو ذلك هؤلاء إن ثبت طبياً أو بالتجربة أنهم لا يستطيعون الصوم يفطرون وعليهم فدية مد من الطعام يخرجونها عن كل يوم يعطونها الفقراء والمساكين.
أما المريض المرض الذي يتوقع منه الشفاء لكن مرض في رمضان ولا يستطيع الصوم فإنه يفطر مادام المرض مستمر به ثم يقضي بعد رمضان إذا شفاه الله تعالى قال سبحانه :" فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر ".
• أيها المسلمون:
ومن سافر منكم في أثناء هذا الشهر جاز له أن يأخذ بالرخصة ويفطر. فإذا كان الصوم لا يشق عليه كما هو في أسفار اليوم فالأفضل له أن يصوم إلا إذا كان الصوم يشق عليه فإنه يكره له الصيـام في
السفر. وعليه أن يأخذ بالرخصة وهكذا أصحاب السيارات ماداموا أنهم مسافرين سواء كان سفرهم جاء عارضاً لحاجة أو سفراً مستمراً كما هو الحال عند أصحاب سيارات الأجرة "التكاسي" أو غيرها من السيارات الكبيرة .. ومتى ما خرجوا من بلادهم فهم مسافرين جاز لهم ما يجوز للمسافرين – يقصرون الصلاة ويجمعون عند الحاجة ويفطرون عند المشقة– وإذا سافروا من تلك البلاد عائدين إلى بلادهم وأفطروا للمشقة ودخلوا بلادهم في نصف النهار وجب عليهم الإمساك لانقطاع رخصة السفر وإن كان هذا الإمساك لا يفيدهم شيئاً بل عليهم قضاء ذلك اليوم. وهكذا المرأة الحائض وجب عليها الإفطار إذا نزل دم الحيض وعليها القضاء فإن طهرت في أثناء النهار وجب عليها الإمساك لزوال العذر على أصح الأقوال عند العلماء. وإن كان هذا الإمساك لا يفيدها شيئاً.
• أيها المسلمون عباد الله :
لقد جاء الترغيب في أداء العمرة في شهر رمضان فقد ثبت في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في صحيحه أن:"عمرة في رمضان تعدل حجة مع النبي " ... وهذا يدلك على فضل العمرة في شهر رمضان. ليس أجرها كأجر الحج بل كأجر حجة مع النبي صلى الله عليه وسلم والحج مع الرسول صلى الله عليه وسلم ثوابه أكبر وأعظم. وسنشير بإذن الله تعالى إلى إشارات حول العمرة في الخطبة الثانية.
نسأل الله أن يوفق المعتمرين لكل خير.
قلت ماسمعتم ..........................
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين .. ولا عدوان إلا ...... وأصلي ....
• أما بعد فيا أيها المسلمون :
العمرة باختصار شديد : إحرام من الميقات وطواف بالبيت الحرام وسعي بين الصفا والمروة وحلق للشعر أو تقصير. فإذا عزمت على العمرة ونويت العمرة فاذهب إلى الميقات يلملم وأحرم من هناك فإذا وصلت الميقات فقلم أظفارك واحلق شعر العانة وانتف شعر الإبط وقص من شعر الشارب ثم بعد ذلك اغتسل كما تغتسل من الجنابة ثم تتطيب بالعطر والطيب ثم بعد هذا إلبس ثياب الإحرام استعداداً للإحرام ثم صلِّ ركعتين وبعد الصلاة أنوِ الإحرام وقل :" لبيك عمرة " فإذا قلت ذلك فقد أصبحت محرماً عليك من الحذر من محظورات الإحرام : إحذر من لبس العمامة ومن لبس الخفين أو السروال أو الكوفية , كما عليك الحذر من استعمال الطيب ومن أخذ شيء من الشعور , وإن كان معك زوجتك فاحذر من الجماع ومن مقدماته كضم أو تقبيل. فإن فعلت شيئاً من ذلك فعليك فدية. فإذا وصلت وأنت محرم إلى مكة ذهبت مباشرة إلى الكعبة ولا تصلِّ تحية المسجد بل اذهب مباشرة إلى الكعبة وقبل أن تبدأ بالطواف اجعل وسط رائك تحت عاتقك الأيمن حتى يبقى منكبك الأيمن مكشوفاً وهو ما يسمى بسنة "الاضطباع" فإذا فعلت ذلك فابدأ الطواف ابتداءً من الحجر الأسود وينتهي طوافك بالحجر الأسود. إفعل ذلك سبعة أشواط في كل شوط اذكر الله تعالى وقل عند ابتداء الطواف :" اللهم إيماناً بك وتصديقاً بكتابك و وفاءً بعهدك واتباعاً لسنة نبيك " فإذا وصلت عند الحجر الأسود رفعت يدك اليمنى تشير بها إلى الحجر وتقول :" بسم الله والله أكبر ".وإذا وصلت إلى مابين الركن اليماني والحجر الأسود قلت :" ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " فإذا انتهيت من الطواف صل ركعتين خلف مقام إبراهيم أو في أي مكان متيسر ولا تصل في مكان تعيق الطائفين. وبعد الصلاة إشرب من ماء زمزم ثم انطلق إلى المسعى لتسعى سبعة أشواط يبتدئ الشوط من الصفا وينتهي إلى المروة. تقرأ الآية عند ابتداء الشوط الأول فقط :"إن الصفا والمروة من .. " إلى " فإن الله شاكر عليم ".
وهناك سنن وآداب للسعي تركناها لضيق الوقت نسأل تعالى أن يهدينا لكل خير ويجنبنا عن كل شر.
وصلــــوا ...........................
خطبة عن العشر الأواخر والاعتكاف ( رقم 4 )
• أما بعد فيا أيها المسلمون :
قال تعالى :" لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ".
جاء في الصحيحين من حديث عائشة أن الرسول صلى الله عليه وسلم : كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ثم اعتكف أزواجه من بعده وقال :" تحرُّوا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر " أخرجاه
• أيها المسلمون عباد الله :
اتقوا الله تعالى واعلموا أنكم في هذه الأيام تستقبلون العشر الأخيرة من رمضان المعظم . ومن فضل
الله علينا هذا الشهر العظيم المبارك فضله الله على سائر الشهور حيث جعل له خصائص وفضائل اختص بها ولهذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره يعني يكثر من العبادة والطاعة في رمضان أكثر من غيره. ثم فضل الله العشر الأواخر في رمضان على العشرين الأولى فكان رسولنا صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر أكثر من اجتهاده في العشرين الأولى فكان يشد المئزر ويحيي الليل بالصلاة والذكر والقيام وكان يوقظ أهله عليه الصلاة والسلام ثم إن الله بمنه وكرمه وجوده وإحسانه فضَّل ليلة لقدر على سائر ليالي العشر فامتازت ليلة القدر بكل الميزات وجمعت جميع الخصائص والصفات بل أنزل الله سورة بإسمها هي سورة القدر. فما أعظم هذه الأيام وما أكرم هذه المواسم العظام. وإن للناس في دنياهم مواسم يتفرغون لها ويجتهدون فيها لأن الناس في إقبال عليهم فتزداد تجارتهم ويربح بيعهم وتزداد أموالهم. وهكذا الله تعالى جعل للعباد مواسم يتفرغون لها ويجتهدون فيها حتى تكثر حسناتهم وتزيد أجورهم وتربح تجارتهم عند الله تعالى , فجعل الله لهذه العشر خصائص كثيرة :
- من هذه الخصائص : أن الأجر يتضاعف في هذه الليالي لأن هذه الليالي فضلها الله على العشرين الأولى من رمضان. ولهذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يجتهد في الطاعات في هذه العشر اجتهاداً عظيماً حتى يتحصل على الأجر العظيم والثواب الكبير وحتى تتأسى أمته به صلى الله عليه وسلم فقد جاء في الحديث أنه كان يشد المئزر قال العلماء في تفسيره أنه كان يجتهد في الطاعة : يشد المئزر يعني يشمر ويجد في الطاعة , حتى من كثرة اجتهاده صلى الله عليه وسلم في هذه العشر كان يعتزل نساءه في هذه العشر بل فسَّر بعضهم شد المئزر بأنه يعتزل النساء. ولا شك في ذلك فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في هذه العشر.
- ومن خصائص هذه العشر : قيام الليل : ربما أنه في العشرين الأولى تكتفي بصلاة التراويح في أول الليل وينتهي الأمر لكن العشر الأواخر امتازت بقيام الليل بل قيام الليل في هذه العشر له ميزة وله طعم خاص ولهذا كان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم كما جاء عنه في البخاري تقول عائشة :" إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله". يحييه بالقيام يحييه بالذكر وتلاوة القرآن ... ولهذا من خصائص هذه العشر الاجتهاد في قيام الليل و تطويل الصلاة تطويل القيام فيها وتطويل الركوع وتطويل القيام بعد الركوع وتطويل السجود وتطويل الجلوس بعد السجود حتى يكثر الإنسان من الدعاء ومن الذكر ومن التسبيح والتحميد ويسأل الله تعالى صلاح الذرية والغفران والثبات حتى الممات ويسأل الله تعالى أن يتقبل منه صالح الأعمال ويكثر من الثبات على هذا الدين ويستعيذه من الزيغ والفتن والوقوع في المحن ... هكذا ينبغي أن تكون صلاة الليل طول في قيامها الأول وطول في ركوعها وطول في الاعتدال وطول في السجود وطول في الجلوس خلافاً لما يفعله بعض الأئمة أنهم يطولون في القراءة لكنهم يقصرون في الاعتدال , ويطولون في السجود لكنهم يقصرون في الجلوس بين السجدتين.
- ومن خصائص هذه العشر : أنه فيها ليلة هي أعظم ليالي رمضان هي ليلة القدر خير من ألف شهر خير من ثلاثة وثمانين سنة خير من ثلاثين ألف ليلة أو قريباً منها خير منها في البركة وخير منها في قبول الأعمال وإجابة الدعوات وخير منها في الفضل والثواب. فطاعتك وعبادتك وذكرك وتلاوتك وصلاتك وصدقتك وزكاتك في هذه الليلة خير من عمل طاعة وعبادة ألف شهر ليس فيها ليلة القدر. وهذا ثواب عظيم لا يحرم منه إلا محروم ولهذا ورد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :" إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر من حَرَمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها إلا محروم "رواه ابن ماجة وله شواهد ولهذا حسَّنه بعض العلماء.
أقول ما تسمعــــون ....................
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين و ......
• أما بعد فيا أيها المسلمون :
- ومن خصائص العشر : "إيقاظ الأهل" فقد كان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يوقظ أهله إحياءً لهذه الليالي المباركات
فيكون البيت كله يشارك والأسرة كلها تتعاون وتتعاضد – وهذا أمر يغفل عنه الكثير حيث يتركون أهليهم وأولادهم يضيعون هذه الأوقات وربما كانوا هم وأهلوهم وأولادهم غافلون يقضون أوقاتهم يما لا ينفعهم – يسهرون الليل في لهو ولعب فإذا جاء وقت القيام والتهجد ناموا وفوتوا على أنفسهم الخير الكثير.
- من خصائص العشر : " الاعتكاف" فلقد كان رسولنا وقدوتنا وأسوتنا صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان ولم يقطع ذلك حتى توفاه الله. وإنما يعتكف ابتغاء ليلة القدر لأنه قال :" تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر ".والمسلم إذا اعتكف فإنه على غالب الظن يحيي هذه الليلة العظيمة التي لا ندري في أي ليلة من ليالي العشر لكن بل ذكر العلماء في تحديد ليلة القدر ما يقرب من أربعين قولاً وأرجحها وأصحها ما ذهب إليه ابن حجر أنها في أوتار العشر الأواخر والحـديث
صريح في هذا.
• فيا أيها المسلمون :
اجتهدوا في هذه العشر وقوموا أول الليل وآخره وأدوا زكاة أموالكم وتصدقوا وحافظوا على صيامكم من المعاصي والسيئات واجتنبوا العداوة و البغضاء والمشاحنات حتى لا يرتفع الخير والبركات.
وصلـــوا ..................
خطبة عن الزكاة وزكاة الفطرة ( رقم 5 )
الحمد لله الذي جعل الزكاة أحد أركان الإسلام وأوجبها في مال الأغنياء طهرة لهم من البخل والشح والآثام , ومواساة لأصحاب الحاجات من الفقراء والأرامل والأيتام. أحمده تعالى على نعمة الإسلام وأشكره على مزيد فضله و إحسانه على الدوام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. واشهد أن محمداً عبده ورسوله حث على أداء الزكاة وحذر من منعها والتساهل في أدائها , صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.
• أما بعد فيا أيها المسلمون :
اتقوا الله تعالى واعلموا أن للزكاة في ديننا مقام عظيم وشأن كبير كيف لا والزكاة أحد أركان الإسلام وقد قرنها الله مع الصلاة في آيات كثيرة.
وقال العلماء من جحد وجوب الزكاة وقال إن الزكاة ليست واجبة علي – وهي قد وجبت عليه – فهو كافر مرتد عن دين الإسلام. و إن قال نعم هي واجبة علي لكن لم يخرجها حباً في المال وبخلاً وشحاً فإن له عقوبة شديدة في الدنيا والآخرة. أما في الدنيا فلا يسلم ماله من حريق أو تلف أو ضياع و أما في الآخرة فليسمع العقوبة من كلام رب العالمين ثم تفصيلها في سنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم . قال تعالى :" ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله هو خيراً لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة " وفي صحيح البخاري تفسير للآية. قال الرسول صلى الله عليه وسلم :" من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته مُثل له يوم القيامة شجاعاً أقرع – ثعبان كثير السم من كثرة سمه ذهب شعر رأسه فصار أقرعاً – هذا الثعبان يطوف على مانع الزكاة ويقول له :" أنا مالك أنا كنزك " وقال تعالى :" والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم "ما هو هذا العذاب الأليم :" يوم يحمى عليها في نار جهنم " يوضع مالك- توضع دراهمك – ديناراتك دولاراتك - ريالاتك توضع في النار حتى تكون حامية ثم تؤخذ فتكوى بها جباهم وجنوبُهم وظهورهم ". تكوى بها هذه المواضع : الجبهة والجنب الأيمن والجنب الأيسر والظهر ثم يقال لهم :" هذا ماكنزتم لأنفسكم " هذا جزاء وعقوبة من يكنز ماله ولا يزكيه" فذوقوا ما كنتم تكنزون" .
واعلم أيها البخيل : اعلم أنه لا يأتي درهم فوق درهم ولا دولار فوق دولار حتى تقل الحرارة بل يوسع الجلد. فال ابن مسعود :" لا يمس درهم درهماً و لا دينار ديناراً ولكن يوسع جلده حتى يوضع كل درهم ودينار على حده ".
• أيها المسلمون عباد الله :
والزكاة تجب في أنواع كثيرة منها :
النقود إذا بلغت النصاب ودار عليها الحول.
ومنها عروض التجارة إذا بلغت النصاب ودار عليها الحول.
أما حُلي المرأة ففي وجوب الزكاة فيه خلاف.
وكذلك الزكاة واجبة في بهيمة الأنعام من الأغنام والأبقار و الإبل بشروط معلومة وأوصاف مضبوطة.
كذلك الزكاة واجبة في الزروع والثمار إذا بلغ النصاب وجاء وقت الحصاد.
أما النقود وهي " الفلوس " فإن من كان منكم عنده مبلغاً من المال بلغ النصاب ونصابه 85 ) جراماً من الذهب وقد حددوه هذا العام فكان يساوي ....................... من ملك هذا المال ودارت عليه السنة فإن عليه أن يخرج زكاته و زكاته ربع العشر أي ريالين ونصف في كل مائة. والطريقة السهلة أن تقسم ما عندك من أموال على أربعين فالناتج هو زكاة مالك أخرجه للفقراء والمساكين و المستحقين. وسواء جمعت هذا المال لمشروع زواج أو لبناء بيت جديد أو لشراء سيارة أو نحو ذلك فإن الزكاة فيه واجبة.
• أيها المسلمون عباد الله :
والزكاة واجبة في عروض التجارة قال تعالى :" يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم " قال مجاهد نزلت في التجارة. فالزكاة واجبة في السلع والبضائع المعروضة في الدكاكين والبقالات والمعارض والصيدليات ومعارض السيارات والمكائن ومواد البناء وقطع الغيار وغير ذلك حتى الأراضي المعروضة للبيع وحتى البيوت المعدة للبيع والتجارات بل كل من اشترى شيئاً ليتاجر فيه وكان قد بلغ النصاب ودار عليه الحول وجبت عليه الزكاة. لو اشتريت أيضاً أرضاً بمبلغ وبقيت عندك سنة تريد أن تربح فيها ثم بعتها وجب عليك أن تخرج زكاتها. وهكذا لو اشتريت سيارة للكسب والتجارة ثم بعتها وقد مر الحول عليك إخراج الزكاة , فإن لم تفعل فأنت معرض للوعيد.
أما زكاة حلي المرأة فمن باب الأحوط إذا أرادت المرأة من تلقاء نفسها أن تخرج الزكاة فهي مأجورة ومثابة على هذا بإذن الله تعالى.
واعلموا أيها المزكين أن الزكاة لا يجوز صرفها إلا للفقراء والمساكين والغارمين وهم أصحاب الديون وابن السبيل وغيرهم ممن ذكرهم الله في الآية.
ولا تجعل الزكاة وقاية لمالك فتدفعها لمن له عليك حق بدل حقه ولا تبطل صدقتك بالمن والأذى.
وأنتم يا من تسألون الناس وتأخذون الزكاة إعلموا أنها لا تحل للأغنياء بل هي مستحقة للفقراء .. ومن أخذها وهو في غناء عنها ليس محتاجاً لها و إنما يريد جمع الأموال للتكثر منها – وهذا الذي يسأل الناس تكثراً – ليس له به حاجة وإنما يريد تكثير ماله فإنما يسأل جمراً وأنه يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم. وكثير من هؤلاء المتسولين يكذبون على خلق الله ويظهرون بمظهر الفقراء وهم ليسوا بحاجة – حاجة فقر للمال – وتراه يظهر أمام الناس بمظهر المريض تارة وبمظهر المصاب بالآفات من العرج تارة أخرى مع أنه معافى سليم صحيح. وهؤلاء الذين نُزِع الحياء منهم حتى صاروا يضايقون الناس في مساجدهم وفي بيوتهم يجب على الحكومة أن تأخذ على أيديهم وتردعهم من هذا التسول الممقوت.
اللهم اغننا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيم بها ".
أقول ما تسمعون ............
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين ...... ولا عدوان إلا ....
• أما بعد فيا أيها المسلمون عباد الله :
لقد شرع الله لكم في ختام هذا الشهر زكاة الفطرة طعمة للمساكين وطهرة للصائمين وشكراً لرب العالمين. وزكاة الفطرة واجبة على الكبير والصغير على الغني والفقير. أما الجنين الذي في بطن أمه فهو مستحب غير واجب. و إليكم هنا إخواني بعض التنبيهات المتعلقة بزكاة الفطرة :
من هذه التنبيهات : أن زكاة الفطرة يكون بإخراجها من قوت البلد كالبر أو الأرز أو الطعام .. أما الأفضل فيعود إلى أمرين :
1) أنه من غالب قوت البلد.
2) أنه أغلى و أجود .
فمعلوم أن الأرز أغلى من البر والطعام أغلى وأجود من البر. فكلما كان أغلى وأجود كانت زكاة الفطر أفضل.
من التنبيهات : أن قدر زكاة الفطرة صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم وبالتقدير ثلاثة كيلو ينقص ربع وذلك عن كل فرد.
من التنبيهات : أنه لا يجوز إخراجها إلا لمن يستحقها كالفقراء والمساكين.
ومن التنبيهات : أنه لا يجوز إخراجها من النقود لأنه خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وما فعله الصحابة.
ومن التنبيهات : أن الأفضل في وقت إخراجها هو بعد صلاة الفجر إلى صلاة العيد ويحرم إخراجها بعد صلاة العيد ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين وليعلم الذي أخرها إلى ما بعد صلاة العيد أنها غير مقبولة كزكاة وإن كانت تصح كصدقة من الصدقات وعليه إثم التأخير إلا إذا كان أخرها بعذر مقبول.
ومن التنبيهات : أن زكاة الفطر تخرجها في البلد الذي أنت فيه. لو كنت من اليمن لكن جاء وقت إخراجها وأنت في مكة فإنك تخرجها هنا هذا هو الأفضل لأنها زكاة البدن تتبع البدن.
ومن التنبيهات : إعلم أنه يجوز أن توكل شخصاً ذا ثقة في أن يخرجها عنك في البلد الذي تريد. كما يجوز للفقير أن يوكل شخص لقبض زكاة الفطرة من شخص يريد دفعها إليه فإن وصلت الزكاة إلى الوكيل فكأنما وصلت إلى الفقير بشرط أن لا يكون الوكيل هو نفسه المخرج للزكاة وهنا خطأ شائع يفعله البعض من إيداع زكاة الفطر في مكان ما حتى يأتي الفقير المستحق ويأخذها من المودع وهو غير وكيل له فهذا لا يجوز لأنه لابد من صول الزكاة إما إلى المستحق وإما إلى وكيل المستحق.
ومن التنبيهات : أنه يجوز للفقير أن يستلم زكوات الفطر ثم يخرج منها زكاته وزكاة من يعول.
واعلموا أيها المسلمون أنه قد كثرت الديون في هذا الوقت وذلك لضيق الحاجة عند الناس وكثرة متطلبات العصر. اعلم أن الدين لا يمنع من زكاة الفطرة.
وفقنا الله لمحبته ورضوانه وتقبل منا الصيام و القيام والصلاة والزكاة.
..................................